الحب..هذه العاطفة الطاهرة النقية..السامية سمو الروح عن ملذات الجسد.. هذا الحب المحسوس المعنوي المتعدد الأشكال والألوان المفطورة عليه معظم الكائنات الحيوانية بمافيها الحيوان الاجتماعي العاقل المتميز بكثير من السمات والصفات عن بقية الكائنات والمخلوقات لحكمة أرادها ويعلمها الخالق سبحانه وتعالى «ولقد كرمنا بني آدم» «وصوركم فأحسن صوركم» «ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»..الخ أقول هذا الحب الذي صار من لوازم الحياة على ظهر البسيطة كالماء والهواء.. هو مؤشر النقاء الإيماني والصفاء الإنساني إن هو ساد لدى بني البشر فرادى وجماعات وشعوباً وأمماً وكان له عظيم الأثر على حياة هذا الكائن الإنساني ومايحيط به من طبيعة «الأرض والشجر والحجر والدواب» خاصة في توثيق عرى العلاقة القائمة بين هذا الإنسان وأرضه «وطنه» وماعليها وليس ذلك فحسب بل إن الحب يتسع تأثيره ليشمل العلاقات البشرية بعضها البعض وعلاقة البشر بالعلم والدين والعادات والتقاليد واللغة و..و..الخ ومن موقعه ينظم كل شيء وفق معاييره السوية والفاضلة فتسود الفضيلة ويتألق الإبداع وتزدهر النفوس والأوطان والحياة برمتها ويصبح الحب السائد بمختلف مسمياته وعلى هدى من روحانية الروح المؤمنة التي تجاهد بكل ما أُوتيت من صدق المعتقد في نشر طيوب الفضيلة ملء عقول وقلوب الأمة وتبذل أزكى التضحيات في سبيل القضاء على الرذيلة بكل أشكالها وألوانها فتكون حياة ويكون وطناً، وتكون أمة وسطاً تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله الكبير المتعال. أما إن تخدشت ملامح الحب الصادق القائم على شرع الله ومنهاجه وعلى أسس من مبادئ وقيم وأخلاق الإنسانية النبيلة فإن المؤشر الإيماني يكون بطبيعة الحال سلبياً جداً وبالتالي يصبح الكائن البشري في اضطراب شعوري ووجداني وقلق فكري وحياة عامة تتقاسمها فوضوية السلوك ووحشية الأثر.. وهذا يعني وبوضوح الارتباط الروحي الوثيق لدى الإنسان بين وهج الإيمان وبين الحب فإن خبت وأنطفأت مشاعل نور الإيمان والهدى المبين انطفأت إشراقات المشاعر وثوابت الحب الصادق الطهور، والعكس صحيح. ومن هذا المنطلق نصل إلى طرح سؤالنا الأساس في الموضوع وهو: ماالذي يجعل من الإنسان المؤمن المسلم المنتمي إلى هذا الوطن ابناً من أبنائه المواطنين.. ماالذي يجعل منه وحشاً إرهابياً ينذر نفسه فقط للتخريب وسفك دماء الأبرياء من أبناء وطنه وتدمير كل منجز وطني وتنموي للوطن دون أي مبرر ديني وإنساني ووطني..؟ وبكل أسف وحزن شديدين نجد أن الجواب على هذا التساؤل يأتي مخيباً لكل مااستطردنا القول فيه في مقدمة موضوعنا هذا إذ إن الجواب الواضح والصريح على سؤالنا هو مايجعل من الإنسان المواطن المؤمن بالله المسلم المنتمي لديننا الإسلامي الحنيف ورسالة سيد الخلق الهادي للبشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والمسمى مواطناً يمنياً مايجعل منه وحشاً إرهابياً مخرباً هو انقطاع العروة الوثقى التي تربط الإيمان بالحب داخل كيان هذا الإنسان حيث تختفي وتنطفئ أنوار الإيمان في روحه فيسود الظلام تكوين هذا الإنسان العقلي والروحي والعاطفي والفكري وبالتالي يأتي سلوكه متوحشاً حاقداً على كل ماحوله كنتيجة طبيعية لتفريطه في قيمه وإنسانيته وتسليم نفسه لقوى الشر والرذيلة التي ذاب فيها فأصبح شريراً. ولكن ومن خلال مانشهده من حراك تخريبي وارهابي ضد مصالح الوطن نلاحظ أن هناك من يمارس هذه الأعمال بدافع من الحب كما يقولون بمعنى أنه يحب الوطن ولهذا فإنه يقوم بتخريبه ويقوم بكل أفعاله الارهابية التي يقوم بها بدافع من حبه وليس له أي دافع آخر، وهذا مايعكس مدى التوعية والتعبئة الخاطئة والشريرة التي يتلقاها المخرب والارهابي من القوى المحركة له التي تشهر العداء للوطن خدمة لأعداء الأمة ومنجزاتها وثورتها ووحدتها الوطنية..فإذا مااقتربنا من ذلك الإنسان المؤمن المسلم المواطن اليمني نجد أنه على قناعة تامة بما يقوم به من رذيلة لدرجة التضحية بنفسه ومايدلل على ذلك استمراره على الخط المعادي للوطن وعلى الممارسات التي تتنافى مع قيم الدين وأخلاقه ومبادئ المواطنة الصالحة بحجة ماتم تعبئته به من أفكار ضلالية أهمها أن مايقوم به هو جهاد المؤمنين وهو تعبير عن مدى الحب الكبير للوطن وهذا طبعاً من منظوره التعبوي الخاطئ الذي غرس فيه الرؤية الأكثر خطأً للناس والحياة إذ إنه صار ينظر إلى كل شيء بأنه ضلالة وخروج عن الإسلام ولهذا يجب محاربته.. يفصح عن ذلك إعلان الإرهابيين خصومتهم «لإمريكا والغرب» وكل من يتعامل معهم اقتصادياً وسياسياً..الخ وكأنهم بهذه الرؤية قد كفلوا للأمة العربية والإسلامية واليمن منها قد كفلوا لها كل لوازم الحياة المعاصرة وخلقوا من مشروعهم الصناعي والإنتاجي بديلاً عن التبادل الحضاري مع العالم من حولنا..وهنا تتضح هزلية المشروع الارهابي المفرغ من أي قيمة لها معنى والخالي إلا من حمل معول الهدم فقط لذات الهدم وليس لأي شيء آخر. وهنا أيضاً تتضح أكثر الهوية الإيمانية والعاطفية لدى الإرهابيين ويمكن تلخيصها في: الإيمان هو مايؤمنون به ويعتقدونه بحسب فهمهم فقط وبحسب ماتم تعبئتهم من أفكار وماسواه لاقيمة له.. الحب هو مايشعرون به ويحسونه تجاه أبناء الوطن من مواطنين وقيادات وطبقات أخرى وهو تلك المشاعر التي تفصح عنها أعمالهم الارهابية فالاعتداء مثلاً على قافلة من السياح الأجانب هو تعبير عن إيمانهم بأن هؤلاء أعداء الإسلام ولايهمهم عواقب أفعالهم تلك التي تعود سلباً على الوطن، كما لا يهمهم الوطن نفسه، وقتل مواطنين يمنيين أبرياء وسفك دمائهم وإزهاق أرواحهم جراء عملياتهم الارهابية لايهمهم في شيء لأن مشاعرهم تجاه أبناء الوطن تروي وحشيتها تلك الدماء.. إنهم أي الارهابيين، باختصار شديد، يضعوننا وفق مايمارسونه فكراً وعمليات على الأرض يضعوننا أمام منهجية جديدة لعداوة الوطن فاقت عداوة الأعداء غير المسلمين وغير اليمنيين وهذه المنهجية تتقمص الدين حجة لهم والإسلام هو الحجة عليهم وليس لهم كما أنهم يضعوننا أمام منظومة جديدة من العواطف والمشاعر تجاه أبناء الوطن الواحد وتجاه الوطن نفسه أرضاً وهواءً ومنجزات وحياة منظومة عاطفية من طراز جديد.. فهم يعلنون أن مايفعلونه إنما يأتي بدافع من عشقهم للوطن وحباً فيه وخدمة لتطهيره من دنس التطور والتقدم والانفتاح على العالم الآخر ليظل وطناً تقليدياً متخلفاً يعيش الزمن الأول للإسلام ويرفض التجدد والنمو والازدهار.. وهذا هو الحب الذي يذكرنا بالحب العاطفي الساري في غاب الكائنات المتوحشة إذ إن البقاء لمن يأكل ماحوله وإن كان ابنه أو زوجه فالجميع سواسية في بطش المتوحش بهم إرضاءً لشهوة ارهابيته المتوحشة وهو إن جاز لنا التعبير مانسميه «بالحب الإرهابي» وهذا مالايوجد سوى في فكر وقلوب وإيمان وسلوك الارهاب. فقط لهذا فإن المسئولية تبدو كبيرة وعظيمة..وهي مسئولية الجميع «الدولة والسلطة المحلية والأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية والشبابية..الخ» في الاهتمام الأكبر بالنشء والشباب وخلق وعي ايماني وعاطفي سليم لديهم وغسل عقولهم من الأفكار الضالة والمشاعر المليئة بالحقد والكراهية والعداء للوطن والناس والحياة..وإلا فسوف يتنامى الارهاب ويطول كل شيء في حياتنا..فعلى الدولة والحكومة القيام بواجبها في دعم الشباب والطلاب الدعم المادي والمعنوي وتوفير كل مامن شأنه أن يخدم الأجيال ويبعدهم عن اللجوء إلى أحضان قوى الشر والرذيلة أعداء الدين والوطن لأن زبانية الارهاب إنما تستغل القصور في تأمين وتسليح الفكر الشبابي بالمعرفة الصحيحة والدين القويم وتستغل الفراغ الذي يعيشه الشباب والبطالة التي تخلق ضائقة معيشية خطيرة ومن هذه الأبواب تدخل إلى المجتمع وتصنع منه خلايا ارهابية تخدم فكرها المتطرف وإيمانها المتشدد وحبها المعادي وتضعنا جميعاً «الوطن أرضاً وإنساناً ومحبة وقربى وعلاقات ومنجزات وحياة عامة» تضعنا أمام خراب للقلوب والعقول وغياب للروح الإيمانية القويمة وإرهاب يمارس طقوس معتقداته وعواطفه سلوكاً شعاره:الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل.. الموت للوطن.