يزدهي كتاب مجلة «الرافد» الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة بتميمة جديدة يقدمها الأستاذ الكبير الشاعر المطبوع والناقد الدكتور عبدالعزيز المقالح ليشكل في هذا العدد علامة فارقة من زمن الإبداع الموصول بالرؤية، فالناقد الشاعر الأستاذ المقالح ينتمي لذلك الزمن الفكري والإبداعي العربي الراكز في أساس السؤال المعرفي الشامل، وتضاعيف الذائقة النابعة من تضاريس المعاني وأزمنة البديع والبيان، ومتواليات العطاء الثر الذي اجتمعت فيه الخصال وتسامقت فيه المآثر حتى فاضت بالجديد والأجد، وترامت في جغرافيا الزمان والمكان لتتمرأى كعلامة نائرة في دهور الثبات والتحول وما يتجاوزهما. في هذه اللطيفة الجديدة من لطائفه السائرة على دروب العطاء نتوقف أمام سؤال الشعر الذي يتسع لمصفوفة واسعة من تنويعات المقال والحال، فيما يتفرع إلى أسئلة الماهية والدلالة والرسالة، ويفيض بانزياحات النقد وعلوم الجمال، ويتموْضع في قلب الإشكاليات النقدية القائمة في الثقافة العربية المعاصرة، ليقدم أجوبة ناعمة لأسئلة ناتئة مُقْلقة، محافظاً على مسافة السؤال المديد لجواب فريد. نتجوّل مع الدكتور المقالح في هذه العوالم، لنقف على مواضيع إشكالية بلغة اختزالية، ورشاقة أسلوبية دونها الوضوح الماسي، وتراتب مرئيات العقيق اليماني .. تلك الجوهرة السحرية لمعنى الواحدية في التنوُّع، وكيفية النظر إلى «الجمع في عين الفرق» كما يقول الراؤون النائرون، وكما هي الحكمة في تجلياتها الوجودية، وكما تنبثق اشراقات المعاني من دواخل المعرفة والعرفان، لقلوب اتّسعت للرؤية فضاقت بها العبارة، وتسامت مع الثقافة العالمة، فجمعت الحُسنيين، وساحت في مفازات البوارق واللوامع لتقول لنا «كلاماً من كلامنا، وليس من كلامنا!».