الجزء السابع والأخير تم عقد مؤتمر مصيري في اليابان حول التعريف بالإسلام، حيث اجتمعت في صالة المؤتمرات الضخمة في طوكيو شخصيات يابانية علمية، وسياسية مرموقة، واجتماعية ذات مناصب، ورجال أعمال ورؤساء شركات عملاقة، وبعض الوزراء، ورجال الدين الشنتي والكونفوشيوسي. جلس الكل يستمعون بإنصات بالغ إلى المحاضرات التي يلقيها الوفد الإسلامي القادم من الشرق الأوسط للتعريف بدين الإسلام . إلى أن جاءت المفاجأة... حين تم التعرض لمفهوم قتل المرتد؟ (لنتابع جولات المؤتمر) رئيس الوفد في القاعة مصفر الوجه متذمراً: الرأي ما سمعت. من يرتد يستتاب فإن أصر على الكفر يُقتل، فهذا حكم الله وشرعه العادل. ياباني (مختص في دراسة تاريخ الشرق الأوسط القديم): قبل أن نختتم الجلسة هناك فكرتان ملحقتان بهذه الفكرة الخطيرة: الأولى: إن هذا السلاح في غاية الخطورة، يمكن تسخيره تحت دعوى الردة، كما حصل من اطلاعي على التاريخ الإسلامي، فالحلاج قُتل أيام الخليفة العباسي المقتدر، والسهروردي زمن صلاح الدين الأيوبي، بفتوى أمسكوه فيها بكلمةٍ تفوهها. كان الحلاج يصرخ في القاضي ومن معه في لجنة التحقيق: الله .. الله .. في دمي فقتلوه تقطيعاً، فهذا السلاح (السياسي) يمكن استخدامه ضد أي إنسان معارض سياسياً، بدعوى أنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، ولو راجعنا فتوى محمود طه السوداني، الذي أعدم أيام النميري بهذه الفتوى، لرأيناها من هذا القبيل، في التصفية السياسية المجردة ، فهذا الاتجاه الخطير الذي تشكل منذ الأيام الأولى لتشكل العالم الإسلامي العقلي والسياسي، فمرض لتصفية المعارضة وإجهاضها، وتصفية العقول المفكرة، وتراثهم، وضرب كل تجمع عقلاني كيفما وأينما وجد، ومحاولة تأسيس ثقافة أموية مازالت آثارها شغَّالة في الثقافة الشعبية حتى اليوم حتى في كلمات أهازيج العيد والسباب. المشكلة أن عظام معاوية تحولت إلى تراب منذ أمد بعيد، ولكن الثقافة الأموية مازالت حية نشيطة في تسميم الثقافة وعطالتها حتى اليوم، وفي هذا يجب أن نعترف لمعاوية بالدهاء التاريخي، يتحول أمامه ريشيليو وبسمارك الى تلاميذ بلهاء، ويتعلم على يديه مترنيخ وميكافيللي معاً. ألا ترى يا هذا أنه سلاح سياسي خطير، وهو سلاح سياسي بالأصل؛ من أجل أن يتخلص الحاكم من المعارضة ولكن بفتوى شرعية. - والفكرة الثانية: هي بث الرعب في مفاصل التفكير، أي ممارسة الإرهاب الفكري؛ فطالما كانت مثل هذه الأسلحة (الاستراتيجية) متوفرة فلا يمكن للإنسان أن يدلي بآرائه بصراحة في أي مجلس، بما فيها نقل وقائع هذا المؤتمر الى الرأي الشعبي الإسلامي، أي أن فكرةً من هذا النوع تلقي ظلالاً رهيبة للحجر الفكري، لأن أي بادرة فكرية قد تقود صاحبها إلى الهرطقة، فيجب أن يحسب حساب أي فكرة تراوده، هل ستقوده إلى قطع الرقبة وتكلفه حياته أم لا، أي أن الإسلام الذي جاء بالأصل لإطلاق الحرية انتهى عمله قبل أن يبدأه ؟!. رئيس الوفد الإسلامي ( بعصبية ) : لا جديد عندي أقوله .. في نهاية المؤتمر .. ( يجتمع اليابانيون ليتداولوا الموقف وإمكانية اعتناقه على هذه الصورة): يقول سوموتا: إنه مبدأ خطير ليس علينا فقط بل على الجنس البشري ففي رأيي أن هذا المبدأ لا يُعتنق بحال ما لم تعدل هذه الفقرة ونظيراتها بشكل جوهري. الثاني يعلق وهو رئيس قسم الأبحاث النووية في جامعة ناغازاكي: إنني أوافق على ما قاله الزميل سوموتا وأرى هذا الوفد القادم من الشرق الأوسط في غاية الخطورة على المعمورة؛ فيجب أن نحملهم وأمثالهم في صواريخ نووية الى كوكب آخر فهم يشكلون تهديداً جدياً للجنس البشري. ويتقدم رئيس شركة تويوتا لصناعة السيارات فيقول: حقاً إنه مبدأ عجيب، تصوروا أنهم يريدون منا أن نصنع سياراتنا بدون إمكانية عودة للخلف (أنارييه) باتجاه واحد فقط، فإذا دخلت السيارة الكاراج لم تخرج منه قط!! إنها كارثة بحق على الصناعة اليابانية والعقلية اليابانية المبدعة، وسوف نفقد كل منافسة في الأسواق العالمية التي نعيش عليها، إنهم سيقودوننا إلى كارثة عقلية واقتصادية مزدوجة. ويعقب وزير المواصلات الذي كان متحمساً لاعتناق الإسلام في أول الجلسة: إنهم قوم عجيبون حقاً، يريدون منا بناء كل طرقنا السريعة الأنيقة باتجاه واحد بدون عودة فيه؟! وبعد مداولات ومناقشات يتفق اليابانيون على تسفير هذا الوفد الخطير على متن أقرب طائرة وبدون أي توقف نهائياً، في أي محطة؛ لا في اليابان ولا في غيرها، إلى بؤرتهم من حيث خرجوا منها، الى الشرق الأوسط بدون عودة ودعوة للمستقبل.