يبدو أن نظرة التشاؤم التي ظهرت مع اتفاق إنهاء الحرب السابقة مع الحوثيين قد بدأت تتحقق وأن حرباً جديدة قد بدأت، فعدد القتلى بين القبائل والحوثيين قد تجاوز الستين كما يقدره البعض وهو رقم كبير بالنسبة للمدة التي بدأت فيها المواجهات. هناك الكثير من التفسيرات التي تشرح أسباب اندلاع المواجهات منها أن الاتفاق الأخير بين المؤتمر الشعبي واللقاء المشترك ربما وفر جواً من التفاهم والاستقرار لنجاح الانتخابات القادمة فكان لابد من تأزيم الأجواء وخلط الأوراق من جديد من قبل أعداء السلام. وهناك من يقول إن وقف اطلاق النار في نهاية الحرب السابقة كان خطأً فادحاً فقد كان الحوثيون في الرمق الأخير وكان وقف الحرب طوق النجاة بالنسبة لهم, وهناك تفسير ثالث يربط مايحدث بالضغوط الدولية التي تتعرض لها إيران بسبب برنامجها النووي وأنها - أي إيران - أرادت توجيه رسالة إلى من يهمه الأمر بأن اذرعها في المنطقة لاتزال تعمل بكفاءة عالية. وأياً كانت الأسباب التي أدت إلى المواجهات بين الحوثيين والقبائل إنما هي مشكلة حوثية بالدرجة الأولى حيث إنهم لازالوا يعتبرون أنفسهم دولة داخل الدولة وأنهم قادرون على تطوبع القبائل المحيطة لسلطاتهم وهي مشكلة ليست بالجديدة فقد كان الأئمة يتحاربون بالقبائل ثم عندما يقوى سلطانهم يحاربونها والتاريخ اليمني مليء بالأمثلة من هذا النوع وقد ظل التوتر يحكم أجزاء من اليمن لفترة طويلة وقد صور الأديب الشاعر أحمد محمد الشامي رحمه الله حال اليمن بقصيدة مجزوءة اسمها (اسطورة اسمها, اليمن) استعرض - بنظرة تشاؤمية عالية –كل تاريخ اليمن من الحروب والصراعات التي سادت المناخ السياسي في اليمن منذ ماقبل الاسلام وبعده..وحتى لايتحول المقال إلى نقد للقصيدة فإننا لابد لنا من الاعتراف أن فرصاً كثيرة قد ضاعت لحل مشكلات كثيرة, وأن الأمر يحتاج إلى اصطفاف وطني لمواجهة التحديات المتجددة ولابد أيضاً أن يكون هذا الاصطفاف ناتجاً عن حوار مسؤول لكافة القوى الوطنية التي يهمها مصلحة الوطن, واعتقد أن الاتفاق الأخير يمكنه أن يكون اللبنة الأولى في بناء الثقة على طريق الحلول الناجعة لمشكلاتنا. ماحدث بالامس وقبله من مواجهات له أسباب غير التي سبقت منها انتشار السلاح بأيد غير مسؤولة, وحلول القبيلة محل الدولة في بعض المناطق وخشية تجار الموت من كساد سوقهم, ولذا فإن شبح حرب لايستبعد في ضوء هذه المعطيات. وعلى الجانب الآخر حققت الدولة نصراً كبيراً بالاتفاق مع المعارضة وبما يسحب البساط من تحت المعارضة المشبوهة التي تتمرس وتتقوى بالخارج وتحرك بعض الضعفاء في الداخل وتصريح البعض بأن الاتفاق الأخير لايعنيه دليلاً على عدم الرغبة والرضا في وجود أي اتفاق من أي نوع لوكان حول الآليات..لقد غاب عن هؤلاء وأولئك المثل الذي يقول: إن للشيطان طيعاً وإن للسلطان سيفاً, وإن لكل طويل طرفا ولذا فإن ثالوث التمرد والإرهاب والفساد لابد له من نهاية كأي شيء في هذه الدنيا وعسى أن يكون قريباً.