ها هي الأيام الأخيرة مما يسمى مهرجان نجم البلدة السابع في المكلا توشك بالأفول ويسدل الستار عمّا حملته تلك الأيام من فعاليات وأنشطة وبرامج مختلفة «فاترة» ولم تنل الحظ من البروز الإعلامي والترويج اللائق بها و انفض المولد بلا حُمّص ..!! ومعه اختفت الكثير من المباهج والمظاهر الفرائحية التي اقترنت بهذا المهرجان في سنواته الماضية وخاصة في جانبه الشعبي والجماهيري وإحياء الموروث التراثي والثقافي المرتبط بالبحر عدا اللوحة الافتتاحية المبهرة والقرية التراثية .. مر المهرجان على رغم المزاج العام في المكلا الرافض لإقامته هذا العام لاسيما وإنه تزامن مع ظروف وأزمات مثبطة وبالغة التعقيد مرت بها حاضرة حضرموت خصوصاً بعد جائحة انتشار أمراض الحميات الغريبة التي فتكت بالناس – فجأة- وأصيب بها المئات ونتج عنها حسب ما هو معلن - رسمياً – وفاة (12 شخصاً) فقط ؟! بالإضافة إلى أزمة العجز في توليد الطاقة الكهربائية التي توجت باحتراق بعض المولدات في محطة الريان ناهيك عن الاختناقات المتكررة في مشتقات المحروقات!! كل هذا لم يثن عزيمة المتحمسين لما يسمى مهرجان نجم البلدة السياحي ولم ينتقص من همتهم من إقامة المهرجان بل مضوا مستبسلين مجندين كل الإمكانيات البشرية والإنفاق المالي في سبيل الاحتفاء هذا العام بمهرجان البلدة .. وكان لهم ما أرادوا..في الوقت ذاته الذي كانت قيادة السلطة المحلية في حضرموت بكل ثقلها منهكة ومنكبة ومنشغلة في معالجة الكثير من القضايا الطارئة والساخنة لعل أهمها الخروج من أزمة الانقطاعات الكهربائية وشحذ همم الفنيين والمهندسين والعاملين في محطات التوليد وفرع المؤسسة العامة للكهرباء بمناطق حضرموت الساحل في إعادة الوضع إلى ما كان عليه بما في ذلك إجراء إصلاحات عاجلة وآنية للمولدات التي التهمتها النيران في محطة الريان واتخاذ تدابير عملية سريعة - بإشراف ميداني مباشر من وزير الكهرباء والطاقة المهندس عوض سعد السقطري - لتغطية العجز في توليد القدرة الإنتاجية للكهرباء عبر شراء الطاقة من محطات القطاع الخاص، وقد كللت والحمد لله تلك الجهود والمساعي بتجاوز تلك الأزمة وخلق حالة من الاستقرار في تموينات الكهرباء يشعر بها المواطن هذه الأيام في مدينة المكلا على وجه الخصوص .. من الطبيعي أن « يتكعف » القائمون على هذا المهرجان مرارة ردود الفعل السلبية, وعزاؤهم الوحيد أن «اللحم فوق التفال » وليس أمامهم خيارات أخرى أو دواعٍ للتأخير أو الإلغاء .. فكان ما كان وكله بثمنه!.. لكن القادم هو الذي يهمنا وعلينا أن ننظر إليه من الآن بنظرة جادة ومسؤولة من أجل أن يكون لنا فعلاً مهرجان واضح الهوية والتمويل بحيث لا يكون عبئاً ثقيلاً على السلطة المحلية, ولدينا في هذا المجال تجارب وخبرات محلية سابقة يمكن أن يستعان بها والاعتماد عليها ،بالإضافة إلى الاستفادة من أجندة المهرجانات الوطنية الناجحة كمهرجان صيف صنعاء السياحي .. كما أن لدينا تراكماً سابقاً في تنظيم هذا المهرجان في سنواته السبع ،علينا أن ندرسها ونمعن في تقييمها بمشاركة اختصاصيين ومهتمين بالمهرجانات التراثية والسياحية بعيداً عن سلق البيض.. هذا إذا أردنا فعلاً لمهرجان البلدة أن يكون ذا جدوى اقتصادية وسياحية واجتماعية وأن ينتقل فعلاً من الوطني إلى الإقليمي، وأن يتجاوز هناته وعثراته التنظيمية وقصوره الإعلامي والترويجي الذي وقع به في نسخته السابعة - تحديداً - بالرغم من أنه حظي عن غيره من المهرجانات السابقة بمساندة الكثير من الأجهزة الرسمية ومن بينها وزارة السياحة التي أوفدت فرقاً فنية وطنية وعربية ومن بينها فرقة فلسطينية وأخرى مصرية للمشاركة في هذا المهرجان لكنها صدمت ببعض التصرفات غير المسئولة من الجهة المنظمة، الأمر الذي جعلها تحجم عن مشاركة أربع فرق وطنية وعربية أخرى.. وباقي « الهدرة » عند وكيل وزارة السياحية لقطاع التنمية السياحية الأستاذ عمر عوض بابلغيث. إن الاستفادة من نعمة موسم نجم البلدة وتوظيفها بصورة إيجابية لصالح تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المدينة وخلق فرص معيشة أمور مطلوبة لاسيما وأن هذا الموسم - كما نعلم - يجتذب آلاف الزوار من المواطنين من مختلف مناطق حضرموت وبعض المحافظات الأخرى للاستمتاع بالاغتسال في مياه البحر الباردة، إضافة إلى أن الكثير من إخوتنا وأبنائنا المغتربين في دول الجوار يبرمجون إجازاتهم في مثل هذه الأيام التي تقترن بمواسم أعراس وزيارات ..نعم سيصبح ما يسمى مهرجان نجم البلدة السابع في خبر كان وسيرحل غير مأسوف عليه ولن يفيد عض الأصابع .. علينا أن نبدأ ونخطط من الآن .. ماذا بعد البلدة؟ !! [email protected]