أيام قلائل تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك, هذه المناسبة الدينية العظيمة والتي جعلها المولى عز وجل من أعظم المناسبات الدينية وأكثرها قداسة وبركة عقب حج بيت الله الحرام، يحل علينا رمضان هذا العام وسط ظروف اقتصادية عصيبة تمر بها البلاد في ظل تداعيات للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية, وقد اعتدنا خلال هذه الفترة من كل عام أن تشهد الأسواق المحلية العديد من الأزمات التموينية التي تزيد من أعباء المواطنين المعيشية وفي مقدمتها أزمة الغاز, حيث يتم احتكار هذه السلعة والمضاربة بأسعارها وبيعها في السوق السوداء, ودائماً يتم تبرير هذه الأزمة بسبب زيادة نسبة الاستهلاك لها، وعلاوة على ذلك فإن هذه الفترة تشهد إغراق السوق المحلية بأصناف متعددة من السلع والمواد الغذائية المنتهية الصلاحية والمجهولة المنشأ والتي تفد إلى بلادنا عن طريق التهريب, مستغلين الأوضاع المادية المتدهورة للمواطنين. واللافت في الأمر أن هذه الزيادات السعرية دائماً ما تكون مفتعلة, حيث يبتكرها كبار التجار ممن يسيطرون على عملية استيراد المواد الاستهلاكية والتموينية ويتحكمون في تحديد أسعارها بحسب رغباتهم الشخصية; غير آبهين بفداحة ما يقومون به, مستغلين غياب الرقابة من قبل السلطات المختصة المنوط بها مراقبة الوضع التمويني والرقابة على مدى صلاحية ما يتم عرضه في الأسواق المحلية من سلع ومواد غذائية وخصوصاً خلال هذا الشهر الفضيل وفي مقدمتها التمور والتي يكثر الطلب عليها في رمضان, وهو ما يدفع ضعاف النفوس من التجار إلى إغراق السوق المحلية بأصناف مغشوشة وغير صالحة للاستخدام الآدمي. ولا أعلم ماهو الدور الذي تقوم به الجهات ذات العلاقة سواء في وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها في المحافظات والمديريات والجمعية اليمنية لحماية المستهلك والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات في هذا الجانب, فهذه الجهات معنية بدرجة أساسية بمراقبة حركة الأسعار في الأسواق المحلية في رمضان وعلى مدار العام, لأنه من غير اللائق أن تقف هذه الجهات موقف المتفرج وهي تشاهد كل أصناف الفوضى والعبث التمويني الحاصل. لابد من إخضاع السوق المحلية للرقابة الصارمة لضمان عدم التلاعب بأقوات المواطنين, ولابد من اتخاذ الاجراءات العقابية الرادعة في حق التجار الذين يقومون بممارسة أشكال الغش والاحتكار والتلاعب بالأسعار واستيراد مواد غذائية واستهلاكية منتهية وغير صالحة للاستخدام الآدمي, وإحالتهم إلى السلطات المختصة ليكونوا عبرة لمن تسوّل لهم أنفسهم السير على نفس المسار. ولا بأس بالعمل على نشر قائمة سوداء بأسماء التجار الذين يثبت تورطهم في مثل هكذا مخالفات وهي اجراءات أنا على ثقة تامة بأنها ستسهم إلى حد كبير في ضبط إيقاع السوق والحد من التجاوزات والمخالفات السعرية والتموينية وفي مقدمتها الحد من عملية دخول البضائع والمنتجات المهربة التي تمثل مصدر الوباء والبلاء للبلاد والعباد. ويا حبذا ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك لو تبادر وزارة الصناعة والتجارة إلى نشر قائمة بأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية عبر وسائل الاعلام المختلفة وتعميمها على فروعها في المحافظات والمديريات, وإلزام أصحاب المحلات التجارية بها وتفعيل الرقابة عليها والرفع بالمخالفات التي تحدث أولاً فأولاً وإحالتها إلى السلطات المختصة للفصل فيها. وبعيداً عن الأوضاع التموينية والسعرية في رمضان, فهناك متطلبات ضرورية لابد من القيام بها قبيل استقبال هذا الضيف السنوي ومنها التطبيق الحازم لمواعيد الأذان والعمل على توحيده في إطار المحافظة الواحدة بحسب التقويم المُعد من قبل وزارة الأوقاف والإرشاد, وذلك من أجل سد الباب أمام التباينات والخلافات التي تنشأ بين المواطنين جراء ذلك، والحرص على اتخاذ الاجراءات العقابية في حق المخالفين, وإن تطلب الأمر تغيير القائمين على هذه المساجد من أجل توحيد الأذان، بالإضافة إلى التحضير البدني والنفسي لاستقبال شهر الصيام بما يكفل الظفر بالجوائز الإلهية التي رصدها المولى عز وجل للصائمين. وفي الأخير لابد أن تسودنا خلال أيام وليالي هذا الشهر الفضيل قيم المحبة والألفة والتراحم والتسامح والتكافل بحيث يكون الجميع كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وهي مناسبة للبذل والجود والسخاء والإنفاق في أوجه الخير التي ترفع من الموازين والدرجات وتقود صاحبها إلى طريق الفلاح والصلاح والرشاد.