إذا كانت الأحداث قد برهنت على صحة الفرضية التي تقول بأن الأحداث الدموية قد زعزعت كل شيء في حياة اليمنيين إلا أن إيمانهم بالله ظل قوياً وراسخاً رسوخ الجبال ,بل إن تلك الأحداث رغم جسامتها وخطورتها إلا أنها عززت الإيمان بالله سبحانه وتعالى في قلوب اليمنيين وجعلتهم أكثر تلاحماً واصطفافاً في مواجهة كل التحديات فإن مرد ذلك تمتع أهل اليمن بالقدر العالي من الحكمة والصبر على المكاره ومواجهة المخاطر والتحديات بروح إيمانية متطلعة إلى إشاعة روح التسامح والتراحم ونشر الخير العام بين الناس كافة. كما لم يعد غريباً على اليمنيين الوصول إلى مفاتيح الحلول لمشكلاتهم التي تحدث صخباً يؤدي إلى القلق والخوف على المستقبل ,وقد قدم اليمنيون بياناً عملياً على قوة إيمانهم بالله وقدرتهم على تجاوز آثار التحديات مهما عظم ذلك الأثر , ولايدري ذلك إلا من يدرس التاريخ السياسي لليمن قديمه وحديثه , ويتعرف على الأحداث التي جرت على الأرض والإنسان والدولة في اليمن , ويكتشف من خلالها مقدار الإيمان والحكمة التي يتمتع بها اليمنيون ليدرك أن ذلك القدر من الإيمان والحكمة قد مكن اليمنيين من تجاوز الأزمات واستطاعوا من خلاله الاسهام الإنساني في بناء الحضارة سواء قبل الإسلام أو بعده. ولئن كان ذلك القدر من الإيمان والحكمة قد مكن اليمنيين من البروز في التاريخ السياسي القديم والحديث فإنه كذلك سيمكن اليمنيين من تحديد معالم المستقبل بعد أن وضعوا أقدامهم في بداية الطريق الصحيح بعد توقيع اتفاق السابع عشر من يوليو الماضي , تأكيداً جديداً منهم بأن نهج الحوار بات منهج حياتهم اليومية من خلاله يستطيعون الوصول باليمن إلى أعلى درجات التقدم والرقي الحضاري الإنساني , وبه سيعملون على إحداث نقلة إنسانية في صنع اللبنة الثانية في صرح الوحدة العربية الشاملة. وقد يستغرب البعض من غير اليمنيين على قوة العزيمة وصلابة الإرادة التي يمتلكها اليمنيون في كل الأحداث ,ولايزول هذا الاستغراب إلا بقراءة سفر اليمنيين النضالي لأنه مفتاح أسرار اليمنيين وكنز خباياهم العظيمة التي لا تظهر إلا في أشد الأزمات ولم يبالغ الأقدمون عندما قالوا بأن أهل اليمن هم أهل المدد وهم صناع الانتصارات الكبرى ,ولذلك فإن قادم الأيام يحمل في طياته تباشير الخير والسعادة لصناع الحياة , ولذلك لايجوز أن تظل الصورة السوداء عن اليمن التي رسمتها الأحداث في أذهان البعض ,بل لابد من أن تعود الصورة المشرقة المبشرة بالخير والسلام ,فهل يدرك الكل بأننا مسئولون جميعاً عن صورة اليمن المشرقة؟! فلنحافظ عليها بإذن الله.