لم تكن المناسبات الوطنية الخالدة في فكر الإنسان اليمني إلا مصدر إلهام لإبداعات الإنسان وتجلياته وعبقرياته، ومن أجل التميز والتفرد في تقديم الخير العام لوطنه اليمن وأمته العربية والإسلامية وعالمه الإنساني الحر، ولذلك نجد أن المحطات التاريخية الخالدة في ذاكرة الشعب اليمني ترسم ملامح الألق والمجد اليماني وتعكس اشراقات المستقبل الذي ينبغي أن تكون عليه اليمن الأرض والإنسان والدولة. لقد تزامن الاحتفال بالذكرى الرابعة والأربعين لعيد الجلاء الاستعماري من أرض اليمن اليوم مع إنجاز إنساني بالغ الأهمية أضافه اليمنيون إلى صفحة المجد والالق اليماني، ولذلك فإن احتفال اليمنيين بالثلاثين من نوفمبر 1967م اليوم جاء مميزاً واعطى نكهة خاصة لعالم اليوم لتتماهى وتتمازج فيه قدرات اليمنيين على الإبداع الإنساني حاضراً وماضياً، وتقدم مشهداً مترابطاً ومتماسكاً يعكس الصور الوطنية والإنسانية التي ظهر بها اليمنيون في مختلف المراحل وتعطي ملمحاً ومؤشراً قوياً على قدرة اليمنيين في صنع المستقبل الأكثر القاً وإنسانية. أعتقد أن الأزمات التي يمر بها اليمنيون بين الحين والآخر تخلق فيهم روح الولاء والانتماء لقدسية ترابهم الوطني، وتعيد من انحرف منهم عن جادة الصواب إلى عقله وجذره ولا يصر على كبره وصلفه إلا من فقد انتماءه لقدسية التراب اليمني، ولذلك فإن الدارسين لفكر الثورة اليمنية في العصر الراهن سيجد أن ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر قد مثلت التوحد المطلق بين اليمنيين كافة وكانت بمثابة الحد الفاصل بين فترة الشتات والتمزق والعودة إلى الوضع الطبيعي لليمن إرضاً وإنساناً ودولة. إن فخر اليمنيين بأصالة معدنهم لم يأت من فراغ على الإطلاق، لأن اليمنيين صناع حضارة وأمجاد، ولم يأت ذلك إلا من صبر ومعاناة وشظف عيش، ولذلك قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز القرآن الكريم في وصفه سبحانه وتعالى لهم {قالوا نحن أولو قوة وأولو باس شديد}وخاطبهم الله تعالى بيا أولى الألباب وهم أصحاب العقول المستنيرة. وهنا رأى بأن تزامن إنجاز المهمة الوطنية الكبرى الخاصة بتوقيع الرئيس علي عبدالله صالح على مبادرة الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي مع الاحتفاء بالذكرى الرابعة والأربعين لجلاء المستعمر البريطاني ورحيل آخر جندي له من على تراب اليمن الطاهر لم يكن عابراً أو مصادفاً بل كان مؤشراً بالغ الأهمية على الحكمة والايمان اليماني الذي تحدث عنه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك فإن اليمنيين الذين حظوا باحترام العالم قادرون على صناعة المستقبل المشرق باذن الله.