أبرزت الأحداث السياسية معادن الرجال, ومكنت الكل من إعادة الفرز القائم على معايير الولاء الوطني, وأظهرت النتيجة الموضوعية أصنافاً من الرجال, كما هو حال المعادن, وكان الأكثر وضوحاً أن الذهب ظل ذهباً ولم يخفت بريقه, فمن الرجال من كان معدنه ذهباً فظل على مبادئه الوطنية وصدق في قوله وفعله مع الله والوطن, ولم تقده مصالحه الشخصية فتجاوزوا كل تلك الأهواء الضيقة وانحازوا إلى وطن الثاني والعشرين ورأوا في الحوار الطريق الآمن والسليم الذي يوصل البلاد والعباد إلى بر الأمان ويمكنهم من تجاوز التحديات مهما كانت, لأنهم جميعاً يؤمنون بأن اليمن أولاً. لايعتقد أحد أن الفترة الماضية من حياتنا السياسية مرت دون أن تقدم دروساً ينبغي الاستفادة منها, بل إن المشهد السياسي المتفاعل خلال الفترة السياسية كان من أبرز المشاهد السياسية التي برهنت بأن اليمن بقدسية ترابها أعظم وأنبل وأبقى من الاختلافات الحزبية, وأن الاختلاف الذي حدث لم يكن على الثوابت بقدر ماكان من أجل تعزيزها وسيادتها على كل الأهواء والنزوات الضيقة, وربما وصل التفكير لدى العامة والخاصة إلى ماهو أكثر من ذلك, ولكن جاء اتفاق السابع عشر من يوليو الماضي وتلاه من الخطوات العملية باتجاه الحوار الوطني ليبرهن من جديد أن اليمنيين بمختلف أطيافهم السياسية لايرون عزة ومجداً وسؤدداً إلا في ظل وحدتهم المباركة. ولئن كانت مجريات الأحداث في المشهد السياسي كادت أن تقود التفكير إلى غير ذلك فإن ماجاء به السابع عشر من يوليو قد أعاد الأمور إلى نصابها, وقدم بياناً عملياً قال فيه اليمنيون بأن اليمن أولاً هو المبدأ الذي لانحيد عنه, وجعلوا من الحوار البوابة الشرعية من أجل الوصول إلى حلول لما اختلفوا عليه, وهنا تجلت المعاني الوطنية والإنسانية للحكمة اليمانية, وتفردت تلك المعاني بدلالات برهنت بأن اليمن فوق خلافاتنا وهي التي ستدوم موحدة مادامت السموات والأرض, ومهما ظهرت عناصر تحاول إعاقة الحوار إلا أن الوطنيين النبلاء والشرفاء ماضون في طريق الحوار بإذن الله.