لا أعتقد أن مائدة أي أسرة تخلو في رمضان من التمر، فالتمر هو أول ما نمد أيدينا إليه لنفطر بعد تحمل عناء الصيام طوال النهار ، وتختلف أنواع التمور التي تفضلها عائلة عن أخرى ، بحسب الحالة المادية لكل أسرة ، وهناك من لا يحب أكل التمر طوال السنة، ولكن في رمضان لا بد أن يفطر به ، اتباعاً للسنة النبوية الشريفة . ولكن ماذا لو علمنا أن هناك عائلات لا تأكل التمر في رمضان ، ليس لأنها لا تحبه ،ولكن لأنها لا تملك ثمنه ، خاصة إذا كان أفراد العائلة يزيد عن عشرة أفراد . ولا يوجد من يتصدق به عليهم ، أو ربما لا يعرف طريقهم ليتصدق عليهم . للأسف قد لا يصدق الناس أنه لا توجد عائلة لا تعرف التمر في رمضان ، ولكن الواقع يجبرنا أن نصدق ، وذلك عندما ينعدم التراحم بين الناس ، ويملأ نفس الفقير العفاف ، فتأبى نفسه السؤال ، ولا يعلم به أحد ممن يحبون الخير في رمضان . الناس الذين يعرفون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً».. دائماً ما يتسابقون بالتصدق بالتمور ، لينالوا الأجر والثواب ، فما بالهم بقوله صلى الله عليه وسلم “ اتقوا النار ولو بشق تمرة”. ومع ذلك ففي هذه الأيام المباركة ، وأنا أتحدث عن صفحة ليلة القدر التي تنشر في رمضان في صحيفة الجمهورية ، وأتحدث مع من أعرفهم عن الحالات المرضية التي وردت فيها، وعن محبي الخير، أجابتني إحدى معارفي بقولها: هناك أناس لا يعرفون التمر - وليس العلاج - ولا يدخل بيوتهم ، ثم حكت لي عن قصة الفقر الذي تعايش مع بعض العائلات فأصبح أحد أفراد الأسرة ، وأصبح الإفطار بالتمر لديهم من باب الرفاهية ، فهل نحن بالفعل في بلد تملؤه الأخوة والتراحم والتكافل ؟. هل نعجز عن توفير علبة تمر لعائلة فقيرة ، لا أعتقد أننا نعجز ،ولكن إحساس بعضنا بعدم أهمية ذلك ، هو من صنع القلوب المغلفة بالقسوة ، وإلا كيف لبعضنا أن تمتد يده إلى التمرة ، وفي الجهة الأخرى من الشارع صائم أو صائمة لظرف ما لم يستطع الوصول إلى سكنه وقت المغرب ، ولم يجد أحداً يمد له تمرة ليفطر. لم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام اتقوا النار بتمرة، بل قال «ولو بشق تمرة».. يا الله كم هو عظيم عليه الصلاة السلام ، وكم هو محب لنا وهو يوجهنا إلى طريق الجنة.