ارتفاع الأسعار أصبحت ظاهرة عربية بامتياز، فبالرغم من الأزمة المالية الدولية وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد العالمي، إلا أن الوضع في العالم العربي لا يشبه أي مكان آخر على وجه الكرة الأرضية، ماعدا تلك البلدان المشابهة للبلدان العربية. وبالرغم من إقرارنا بأن الأزمة المالية الدولية انعكست سلباً على منظومة التداولات الاقتصادية التجارية والاستثمارية والمالية في بلدان العالم المختلفة، غير أنها لم تؤثر على أسعار المواد الغذائية الرئيسية في مختلف بلدان العالم، خاصة تلك البلدان التي تعتبر الأمن الغذائي قدس أقداس السلم الاجتماعي بما في ذلك بلدان المنشأ للأزمة، وأقصد تحديداً الولاياتالمتحدة، ومن سار على دربها دون قيد أو شرط. الحالة الغذائية وتداعياتها السعرية في اليمن لا تختلف جوهرياً عن البلدان العربية المشابهة لها، كمصر والسودان، وعلى سبيل المثال لا الحصر، غير أن الارتفاعات المتتالية في الأسعار خارج نطاق الإشراف وتدخل الدولة سببه المضاربات التجارية على حساب المواطنين وحاجاتهم الملحة.. تلك المضاربات التي تقودها هيئة أركان جشعة من محتكري الاستيراد والتوزيع الداخلي، ممن استمرأوا تحقيق أعلى الأرباح في الظروف المواتية، وخاصة شهر رمضان المبارك..يعاني المواطن اليمني الأمرين من هذه الحمية القسرية التي تخرجه عن دائرة السويّة البشرية، ويُدرك الغالبية من العالمين ببواطن الأمور أن هذه المعاناة ليست نابعة فقط من بورصة المضاربات المالية الخارجة عن قوانين وأنظمة الرقابة المالية المسطورة في البنك المركزي دون تفعيل جاد، بل أيضاً من المضاربة في سوق الأسعار، واستغلال حاجات الناس الاستهلاكية المرتبطة بالضرورة الفيزيائية لا الترف . ليس من العدل أن يتحكم بالتجارة حفنة من المضاربين المأفونين بالجشع وتحقيق أعلى الأرباح على حساب ملايين البشر، ولهذا على الدولة أن تتدخل بجدية لتأمين حاجات الناس المعيشية حتى لو اقتضى الأمر إحياء القطاع العام التجاري الذي بوسعه منافسة التجار الجشعين، ووضع الأمور في نصابها . [email protected]