القرآن له تخصيصات في الاستعمال أحياناً يخصص بعض المفردات بمعنىً معين واستعمال معين ودلالة معينة بما يدل على القصدية في ذلك وليس في كلام العرب التخصيص فمن ذلك : «أوتوا الكتاب - آتيناهم الكتاب» القرآن الكريم يستعمل «أوتوا الكتاب» في مقام الذم ويستعمل «آتيناهم الكتاب» في مقام المدح، فمن الذم قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( البقرة: 101) وقوله تعالى: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ ( البقرة: 145) وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ( آل عمران :100). بينما «آتيناهم الكتاب» تأتي مع المدح قال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (البقرة:121) وقوله تعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ( الأنعام :89 ) وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ( الرعد :36). «الرب- الله» كلمة رب من معانيها المربي، وهي أشهر معانيها، وأولى مهام الرب الهداية؛ لذا اقترنت الهداية كثيراً بلفظ الرب مثل قوله تعالى: (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى(طه 49-50) وقوله تعالى: (فاجتباه ربه فتاب عليه وهدى (طه :122) وقوله تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى (الأعلى: 3-1) كما اقترنت العبادة بلفظ (الله)(أكثر من 50 مرة في القرآن) مثل قوله تعالى:(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (البقرة:83)وقوله تعالى: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُون(البقرة: 138) وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ( آل عمران:51) وقوله تعالى: (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (المائدة: 76). «حضور الموت- مجيء الموت» حضور الموت يُستعمل في القرآن الكريم في الأحكام والوصايا، وكأن الموت هو من جملة الشهود، فالقرآن هنا لا يتحدث عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت فالكلام هو في الأحكام والوصايا كقوله تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً( النساء: 18) وقوله تعالى: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة: 133). أما مجيء الموت في القرآن فيستعمل في الكلام عن الموت نفسه أو أحوال الناس في الموت كما في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (المؤمنون:99) يريد هذا الذي جاءه الموت أن يرجع ليعمل صالحاً في الدنيا، فالكلام إذن يتعلق بالموت نفسه وأحوال الشخص الذي يموت وقوله تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (الأنعام: 61). ويستعمل فعل (جاء) مع غير كلمة (الموت) أيضاً كالأجل كقوله تعالى:(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُون (الأعراف: 34)، وسكرة الموت في قوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيد(ق:19).