الإنفاق في سبيل الله والجود على عباد الله وقضاء حاجات الخلق هو باب من أعظم أبواب الخير وعبادة من أهم عبادات الإسلام ، ولقد أعطى الله لهذه العبادة مساحة واسعة في كتابه الكريم ، وأشاد بأصحابها ، وأجزل العطاء عليها ، وأعظم الثواب فيها ، وجعلها قرينة الصلاة ومقدمة الجهاد , فإذا كانت الصلاة حق الله فإن الإنفاق حق العباد . وإذا كان في الجهاد بالنفس صيانة الأموال وحفظ الأعراض وحماية الديار فإنه لا يتم إلا بجهاد المال فأيدي الأقوياء مرهونة بأيدي الأسخياء وبرهان ذلك قوله تعالى في سورة التوبة (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ) {التوبة : 92} وفضائل النفقة وأجر المنفقين الواردة في كتاب الله كثيرة ومتنوعة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي : -أنها المدخل إلى الانتفاع بهذا الكتاب الذي أنزله الله هداية للمتقين والإنفاق من صفاتهم قال تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3}) البقرة. -ومازال الله يضاعف أجر الصدقة والإنفاق في سبيله حتى جعله سبعمائة ضعف فقال (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{261}) البقرة . -والمداوم على الإنفاق في ليله ونهاره وفي سره وعلانيته جعل الله نفقته كاشفة الأحزان عما فات صاحبها من حظوظ الدنيا ولذاتها ، كما جعلها بوابة الأمان لما يقدم عليه من مخاوف الآخرة قال تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{274}) البقرة . -وكل صدقة أياً كان حجمها وقدرها فهي موضع إعزاز وتقدير من الله سبحانه وتعالى سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، فالعباد يعطون على قدرهم والله يعطيهم على قدره قال تعالى: (وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{121}) التوبة. -وفي لحظة النهاية ونزعة الموت تكون منية العبد وسؤاله وحاجته أن يمد الله في أجله أنفاساً يتمكن فيها من إنفاق المال في وجوه الخير ولكنها منية لا تتحقق وسؤال لا يجاب وحاجة لا تقضى لمن سوف في الأعمال وعاش على الأماني قال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ{10} وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{11}) المنافقين . وفي الختام نؤكد فنذكر أهل الجود بحلول الليالي المباركة ونذكرهم فيه بحال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حيث حكى عنه ابن عباس فقال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» صحيح البخاري (1 / 8) اللهم أعنا فيه على بذل المعروف وفعل الخيرات وترك المنكرات وإطعام المساكين ووفقنا لصيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه..آمين. رابط المقال على الفيس بوك