رأيتها مُطرقةً تبكي بين جدران إحدى الحارات..فأشجاني حالها ورقّ لها قلبي وهي تلوي ذراعيها تحت رأسها..فسألتها: ما بكِ يا صغيرتي؟ ولِمَ الدموع التي تنداحُ على جبينكِ الصغير..؟!! فرفعت رأسها نحوي وأبرقت عينيها النجلاوين بالأسى والألم ..ابنة العاشرة من عمرها الصغير...الذي لم يقو على حملِ كل ذلك العذاب والطفولة البائسة، فردت على سؤالي:بصوت متهدجٍ حزين ملؤه الحزن والألم قائلة:( ألا ترين كل هؤلاء الأطفال الذين في عُمري جميعهم ينعمون بالسعادة في أحضانِ أمهاتهم وآبائهم..يلعبون ويستمتعون بطفولتهم..ويشتري آباء الصغيرات اللواتي في عمري فساتين للعيد..ويفرحن بأيام رمضان،أما أنا فما عاد يهمني شيء، لأنني لم أشعر ولو بلحظة واحدة بالسعادة في حياتي، أصبح العيد ورمضان وبقية العام عندي سواء لا فرق بينهما..تزوجت أمي بعد انفصالها عن والدي فأخذني إليه وضمني إلى بقية أبنائه وبناته لخالتي..والتي تُعاملني معاملة قاسية..وأعيش بينهم كالغريبة..وواصلت تسرد لي قصتها المؤلمة والحزينة وسردتُ ما يكفي للمساحة المخصصة لهذه السطور..للعبرة فقط...!! ونتوجه بسؤال لك عزيزي القارىء: ما ذنب هذه الصغيرة وأمثالها الكثير من الأطفال الذين يحرمون الحنان والطفولة الهانئة والسعيدة...؟!! ألأنهم ضحايا لحظات غضبٍ هستيرية أودت بهم بين فكي الحياة الذي لا يرحم؟! ولا سمح الله قد ينحرفون عن الطريق الصحيح ويكونون أفراداً غير صالحين في المجتمع بسبب تهور وحماية آبائهم وأمهاتهم..؟!..لم ينجبوهم وينتجون أطفالاً يرمونهم بين دهاليز الشقاء وينثرونهم على أرصفة الضياع...!! فأولئك الأطفال لهم مشاعرهم وطفولتهم البريئة..ولهم حق على آبائهم أن يهيئوا لهم العيش في حياةٍ لا يكدر صفوها شيء ..لينموا في جوٍ من الأمان والحنان..ليكونوا بناة الأمة والمستقبل المنشود..وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول...والحليم تكفيه الإشارة.