هاهي الذكرى ال41 قد أقبلت منذ أن تجرأ اليهودي الاسترالي على أحراق المسجد الأقصى, يومها قيل ان الرجل مختل عقلياً وعندما قام يهودي آخر باطلاق النار على المصلين في مسجد الخليل في التسعينات من القرن الماضي قيل ايضاً أنه مختل عقلياً وأصبح الجنون وسيلة للتخلص من المسئولية عند الاحتلال, وحيث أن هذه الوسيلة أثبتت نجاحها فقد تحول كل المحتلين عسكريين ومدنيين إلى الجنون كوسيلة للعيش في وطن تم اغتصابه, فحرب غزة بكل وحشيتها عام 2006 وكذا حرب لبنان تصب في استراتيجية الجنون, ومن هذا المنطلق لم تعد اسرائيل تحاسب على أفعالها باعتبار أن المجنون مرفوع عنه القلم وأكثر من يأخذ هذه المسألة في الاعتبار هي الإدارة الأمريكية وأوروبا ولست أدري هل الجنون حكر على اليهود وتصرفاتهم أم هو حق مشاع لكل خلق الله تعالى؟ فعندما أطلق جندي أردني فاض به الكيل من أفعال الاحتلال أطلق النار على باص طالبات اسرائيليات وقتل بعضهن حوكم على أنه يتمتع بكافة قواه العقلية ولم يقل أحد أنه مجنون كما يفعل اليهود مع متطرفيهم. والحق أن المسألة ليست جنوناً أو غيره بل هي استراتيجية مخطط لها تسير وفق دراسات منهجية لابتلاع ماتبقى من الأرض الفلسطينية فالتهويد الذي تتعرض له القدس اليوم وتدمير أكثر من أربعين الف منزل فلسطيني في سنوات مابعد أوسلو والحفريات تحت المسجد الأقصى وطرد وترحيل المقدسيين من المسلمين لايعني سوى شيء واحد أن خطة اسرائيل مستمرة والوضع اليوم أخطر بكثير من الوضع أيام إحراق المسجد الأقصى وحتى المفاوضات مع الفلسطينيين جزء من هذه الاستراتيجية واليوم القيادة الفلسطينية قبلت الدخول في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل والسؤال الذي يفرض نفسه هو: حول ماذا هذه المفاوضات؟! والمعطيات التي على الأرض لاتبشر بخير فالاستيطان ماض على قدم وساق وإذا توقف في بعض الأماكن من الضفة المحتلة فهو لم يتوقف في القدس التي هي مربط الفرس و(نتن ياهو) يعيد الاشترط على الاخوة المسالمين ضرورة القبول بإسرائيل (فلسطينالمحتلة) كدولة يهودية وهذا يعني اسقاط حق العودة كما يشترط أن تكون دولة فلسطين القادمة منزوعة السلاح بل وتحت اشراف اسرائيل على حدودها وهذا يعني أن الوضع الحالي سيظل كما هو، كل مافي الأمر هو أن اسرائيل ستحصل على صك موافقة على احتلالها أو تنازل غير قابل للتراجع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والعالم ببواطن الامور يدرك ذلك فالمفاوضات المطلوبة من الفلسطينيين هي التسليم الكامل بما تريده اسرائيل وماتريده الولاياتالمتحدة لاسرائيل وإذا حقق أوباما أي تقدم في هذا المجال فسيكون إنجازاً للديمقراطيين وكسب اصوات الناخبين اليهود واللوبي الصهيوني..أما العرب فسيحصلون على نفس المكاسب التي حصلوا عليها بعد أسلو وهي: - شرعنة الاحتلال وترسيخه - استمرار الاستيطان وتوسعه. - حرب جديدة على لبنانوغزة. - استمرار الحصار على الشعب الفلسطيني - استمرار هدم المنازل وترحيل الفلسطينيين. وربما نتوج هذه الانجازات بهدم المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعوم. إن الدروس الماضية تكفي لتحترس القيادات العربية من التورط في مبادرات جديدة ومباحثات واتفاقيات وقد اثبتت التجارب أن حرية الشعوب لاتوهب بل تنتزع وسبلها المقاومة ثم المقاومة ودعمها. وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق اما استجداء السلام واستعادة الحقوق فلن يغير من الواقع شيئاً وصدق الله تعالى حيث قال (ومنهم لايؤديه اليك إلا مادمت عليه قائماً) فهؤلاء لايؤدون حقاً إلا كما قاله الله سبحانه وتعالى في محكم اياته.