تصادف يوم غد الذكرى السادسة والثلاثين لإحراق المسجد الأقصى المبارك، على أيدي العصابات الصهيونية بهدف تدمير وهدم المسجد وإقامة هيكلهم المزعوم, وتمر هذه الذكرى وما يزال المسجد الأقصى يتعرض للاعتداء والتدنيس الصهيوني إلى يومنا هذا . ففي مثل هذا اليوم من عام 1969م امتدت أيادي الغدر والعدوان الصهيوني لتطال المسجد الاقصي اولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسري خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قام الارهابي اليهودي الاسترالي (دينس ما يكل) وبإيعاز من السلطات الاسرئيلية، بإحراق المسجد الاقصي الشريف، في جريمة تعتبر من أكثر الجرائم إيلاما للامة العربية والاسلامية ومقدساتهما. فقد اشتعلت النيران في المسجد الاقصي في ثلاثة مواضع هي أولا مسجد عمر في الزاوية الجنوبية الشرقية، وثانيا منبر ومحراب صلاح الدين، وثالثا النافذة العلوية الواقعة في الزاويه الجنوبية الغربية للمسجد، والتي تم إحراقها من الخارج، وهو ما يوكد على أن هناك أفراد اخرين سأعدو الإرهابي دينس مايكل في الجريمة. كما التهمت السنة اللهب المتصاعدة أثاث المسجد وجدرانة ومنبر صلاح الدين كما أتت النيران علي مسجد عمر بن الخطاب ومحراب زكرياء ومقام الأربعين وثلاثة اروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال داخل المسجد، وعلى زخرفته القديمة، وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى 1500 متر مربع من اصل 4400 متر مربع تمثل مجموع مساحه المسجد الاقصي. وقد قامت البلدية الاسرئيليه بقطع المياه عن المسجد الاقصي يوم الحريق كي لا تستعمل في اطفاء الحريق، كما أن سيارات الاطفاء لم تأتي إلا بعد أن تم إخماد الحريق من قبل سكان القدس. ومثلت هذه الجريمة خطوة فعلية في طريق بنا الهيكل المزعوم مكان المسجد الاقصي، اما الادهي من ذلك ماقامت به المحكمة الصهيونية من عملية تبرأة ساحه الارهابي (دينس) بحجة انه مجنون، وهو الذي زعم لدى اعتقاله ان ما قام به كان مقدس جاء بموجب نبؤة في سفر زكريا وانه نفذ ما فعله كمبعوث من الله، لذا فقد اغلقت المحكمة ملف القضية ولم تجر تحقيق مع احد. هذا وقد سارعت الدول والشعوب الاسلامية والعربية والعالمية الى استنكار وشجب جريمة احراق المسجد الاقصي، كما عقدت مؤتمرات القمة العربية وهيئة الاممالمتحدة ومؤتمر دول عدم الانحياز التي اتخذت العديد من القرارات نددت جميعها بالجريمة الصهيونية وطالبو باجرء تحقيق دولي شامل حول جرائم اسرئيل. ونتيجة لما حدث سارع قادة الامة الاسلامية بعد الحادث الى عقد اول قمة اسلامية فى الرباط، وقرروا انشاء منظمة المؤتمر الاسلامي التى من بين اهدافها الاساسية، بالاضافة الى تعزيز التضامن الاسلامي، العمل على التنسيق من اجل الحفاظ على سلامة الاماكن المقدسة وتحريرها ودعم كفاح الشعب الفلسطيني ومساعدته على استرجاع حقوق وتحرير اراضيه. وتاتي محاولة العدو الصهيوني لاحراق المسجد الاقصى ضمن سلسلة من الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على مدينة القدس ومقدساتها الاسلامية، فقد تم اولا اعلان ضم مدينة القدس الى اسرئيل في 27 يونيو 1967م، وخلال ثلاثه اسابيع من احتلالها بدات اسرئيل بعمليات حفر حول المسجد الاقصى المبارك وداخله بحجة البحث عن هيكلهم المزعوم، وبين عامي 1970- 1972م تم شق انفاق تحت اسوارالسجد الاقصي من الجانبين الجنوبي والغربي وتم الاستيلاء على ابنية اسلامية، اما عام 1973م. فقد تغلغلت الحفريات مسافة طويلة الى عمق 13م5، وفي عام 1974م تم توسيع الحفريات تحت الجدار الغربي، وبين عامي 1975و1976م قام الصهاينة بازالة مقبرة للمسلمين تحت الجدار الغربي للمسجد، وواصلت اسرائيل عام 1977م عمليات الحفر والتنقيب الى مسافات طويلة ومتشعبة حتي وصلت الى تحت مسجد النساء، وعام 1977 قام اليهود بعملية هدم لحي المغاربه بالكامل بهدف اخلاء الارض لتكون جاهزة لاي اعمال حفر وتنقيب، واستمرت الحفريات لمدة عام كامل ووصل عمق الحفريات الى 14م، واستكمالا للمخطط العدواني قام الصهاينة في عام 1979م بشق نفق قرب حايط البراق، كما قام اربعون يهوديا في نفس العام بمحاولة اقتحام للمسجد الاقصى واقامة طقوسهم فيه. كما ان لاعمال الاجرامية والاعتداءات الصهيونية تعاقبت على المسجد الاقصى، ففي عام 1980م كانت هناك محاوله لتدمير المسجد على يد الإرهابيين الاسرئيليين (مائير كاهانا ومسعده مبارح جرين) الذين وضعا اكثر من طن من المتفجرات داخل المسجد، وفي يناير 1982م جرت محاولة لنسف المنطقة المجاورة للمسجد الاقصى بهدف اقامة مايسمي بالهيكل الثالث، اما في 14 يناير 1989م فقد قام بعض اعضاء الكنيست الاسرائيلي باثارة غضب ومشاعر المسلمين في العالم حين قامو بتلاوة مايسمي بمقدس الرحم تحت حماية جنود الاحتلال الاسرئيلي، واستمرارا في انتهاكها لحرمة المسجد الاقصى. وقد سمحت "المحكمة العليا" الاسرائيلية في يونيو 2003 بصلاة اليهود في المسجد الأقصى، مما سمح ل000ر70 من المستوطنين بدخول المسجد وتدنيسه فرادى منذ ذلك الحين، وسمح لبعض حاخامات أولئك المتطرفين بعقد حفلات الزواج وشرب الخمر في باحات المسجد، كما قام في عام 2000م الارهابي شارون بتدنيس الحرم القدسي عندما قام بزيارة استفزازية للمسجد تحت حماية قوات الامن الاسرائيلية، مما اوقد شعلة الانتفاضة الثانية، وتسببت الحفريات في فبرير 2004م بانهيار الطريق التاريخي المؤدي الى باب الغاربه، وفي 18 من نفس الشهر تم اصدار قرار بهدم احد بوابات المسجد الاقصى بحجة هدم الاجزاء التصدعة منها. وفي اطار الانتهكات الاسرئيلية المستمرة للمسجد الاقصى، عمدت شركة حكومية اسرئيلية في ابريل 2005م ببناء جسر جديد في منطقه حائط البراق، بهدف إدخال أكبر عدد من اليهود والسياح الإجانب إلى المسجد، كما قامت السلطات الاسرئيلية مؤخرا بفتتاح باحة جديدة في الجزء الأخير من الجدار الغربي للمسجد، لتمارس فيها شعائر دينية يهودي، كما انهت في يونيو 2005 بناء الجزء الاكبر من مدينة دينية سياحية اسفل المسجد الاقصى المبارك على عمق اربعة عشر مترا فى اطار بناء البنية التحتية لعملية بناء الهيكل المزعوم على انقاض المسجد المبارك. وفي اطار سعيها للسيطرة على مدينة القدس، قامت اسرائيل ببناء العديد من المستوطنات فيها بغرض افراغها من سكانها، فالمدينة المقدسة تحتل مكانة هامة في المشروع الصهيوني لاعتبارات سياسية وأيدلوجية صهيونية معاصرة، فمنذ احتلال الجزء الغربي منها عام 1948م دمرت القوات الصهيونية 38 قرية فلسطينية في المدينة ليقيم اليهود على أنقاضها مستوطنات وأحياء لهم على مساحة 84 % من القدس، وبعد حرب يونيو 1967م احتلت إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدس الشرقية، ومع بداية سياسة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في السبعينيات بدا المستوطنون ينتشرون بكثافة في القدس بشطريها الغربي والشرقي، وكثفت الحكومة الاسرائيلية بناء المستعمرات حولها حتى وصلت إلى 31 مستوطنة صهيونية، وعملت على توسيع العديد منها حتى يتسنى لها ضم أكبر مساحة من أراضي الضفة الغربية الموجودة حول القدس ضمن الخطة الإسرائيلية لتوسيع حدود المدينة لتصل إلى الحدود المرسومة للقدس الكبرى والتي تم اعتمادها بشكل عام ورسمي من قبل الكنيست الإسرائيلي في 28 مايو 1997م. وتاتي الذكرى ال36 لاحراق المسجد الاقصي والفلسطينيون اليوم اكثر صلابه وتمسكا بارضهم وحقوقهم المشروعة، وكذا تزامنا مع افراحهم وبما تم تحقيقه على صعيد المقاومة التي توجت بعملية الانسحاب الاسرئيلي من غزةوالضفة الغربية واخلا المستوطنات فيهما، وتمسكهم بان القدس جزء لا يتجزا من الارض الفلسطينية المحتلة.