تشرفت بحضور لقاء نسوي غير تقليدي؛ رتبته عضوات هيئة التدريس بكلية العلوم بجامعة صنعاء للاحتفال بالدكتورة سَكِيْنَة فخرالدين، (سكينة بفتح السين) الأستاذ المشارك في قسم الفيزياء بالكلية، بمناسبة حصولها على جائزة علمية عالمية، اسمها (جائزة العالمات في الفيزياء والرياضيات) ، وجاء فوز الباحثة اليمنية (سَكِيْنَة) بهذه الجائزة لاستيفائها شروط المسابقة؛ وهذه المسابقة تنظمها «منظمة العالم الثالث للمرأة» كل عام ، ويشترط لدخول المسابقة تقديم عشرة أبحاث على مدى العشر السنوات السابقة على أن تكون هذه الأبحاث منشورة في مجلات علمية عالمية متخصصة (في مجال التخصص الدقيق) أو تم تقديمها في مؤتمرات علمية خاضعة للتحكيم. وهذه الجائزة تقدمها منظمة العالم الثالث للعلوم(TWAS) التي مقرها في إيطاليا، وتدعم الجائزة مؤسسة السفير بالتعاون مع الأكاديمية الصينية للعلوم. وقد تفوقت الباحثة اليمنية (سَكِيْنَة) على مستوى المنطقة العربية، وتبوأت المرتبة الأولى، ونالت الجائزة بكل اقتدار لبحوثها المتميزة، التي ركزت على دراسة نتائج تصادم الأنوية الثقيلة عند طاقات عالية باستخدام المستحلب النووي، و يمكن الاستفادة من هذه الأبحاث في دراسة بداية نشأة الكون من خلال التصادمات، وفي دراسة ظاهرة تشظي الأنوية، وفي علاج الأورام الخبيثة مثل السرطان. حينما استمعت إلى(سَكِيْنَة) وهي تستعرض تجربتها العلمية باستمتاع، تذكرت مقولة عالم الرياضيات الفيلسوف البريطاني( برتراند راسل) في كتابه (النظرة العلمية) حين قال:«إن الاكتشافات العلمية الخارقة والحاسمة والمهمة لم يحققها الذين يتجهون للبحث والتعليم من أجل هدف عملي وظيفي أو مصلحة ذاتية كالحصول على شهادة، وإنما يحققها الذين يبحثون من أجل الفهم لذاته» وتأكدت أن (سَكِيْنَة) ستظل تبحث من أجل الفهم، وستبدع باستمرار. ومثل (سَكِيْنَة) يجب أن تكون قدوة للمرأة اليمنية، وللأستاذة الجامعية على وجه الخصوص لأسباب كثيرة منها: إن (سَكِيْنَة) تفوقت وتميزت في مسابقة علمية عالمية لا يتفوق فيها إلا المبدعون، تفوقت لأنها تحب العلم للعلم وليس للحصول على مكاسب مادية، فكانت نموذجاً حقيقياً للمرأة اليمنية الذكية المبدعة. أن (سَكِيْنَة) استطاعت أن تقهر قلة الإمكانات العلمية المتوفرة للبحث العلمي في الجامعة، فلم تنتظر من يقدم لها الدعم، بل استثمرت قدرتها على التواصل التكنولوجي، وصرفت كل ما تملك على إنجاز أبحاثها، فحققت ما لم يحققه المحظوظون ممن توفر لهم كثير من الإمكانات باسم البحث العلمي ولم يفعلوا شيئاً. أن (سَكِيْنَة) لم تستسلم للتقاليد القاهرة للمرأة في اليمن، ولم تستمع للأصوات الداعية لإحباط انطلاقتها، فذهبت معتزة بحجابها وبجنسيتها لتلقي أبحاثها في مؤتمر عالمي في الصين، وتسلمت جائزتها من قبل نائب الرئيس الصيني في حفل تكريم عالمي، وهي مرفوعة الرأس. إن (سَكِيْنَة) الجميلة على المستوى الإنساني يسكنها الوطن بعيداً عن النفاق السياسي، وقد كان الانتماء للوطن هو الحافز الأساسي لديها للاشتراك في المسابقة، فحينما قرأت عن الجائزة وأن كل البلاد العربية مشتركة فيها إلا اليمن لم تتجاهل الأمر بحجة أنها ليست من المسئولين، ولم يقتصر موقفها على الشكوى من الحال، ولم تعقد النية على أن تشوه صورة اليمن في الخارج كما يفعل المنتفعون، بل استعانت بالله وبقدراتها الذاتية، وأعلنت التحدي- بوصفها مواطنة يمنية - بأن تجعل اليمن في المقدمة مهما كلفها ذلك، وقد فعلتْ، ونجحت، وتفوقت. فباسمك يا (سَكِيْنَة) وباسم كل المبدعات والمبدعين اليمنيين أناشد الذين يحبون الوطن- من صانعي القرار ومن المقتدرين من أصحاب المال- أن يجعلوا العلم والتعليم من أولوياتهم، ويهتموا بالإبداع والمبدعين، فلن نخرج من كبواتنا إلا بالعلم والبحث العلمي والتعليم، ولن نتميز بين الأمم إلا بدعم البحث العلمي والإبداع والمبدعين في كل المجالات، ووفق معايير علمية دقيقة بعيداً عن الانتقائية، وبعيداً عن تلميع من ليست لهم صلة بالإبداع، وبعيداً عن تهميش المبدعين الحقيقيين. أتمنى أن يبدأ دعم العلم بتحقيق حلمك -يا سَكِيْنَة - بتوفير معمل حديث متكامل في كليتك، يمكِّنك من إجراء تجاربك باستمتاع، وإلى أن تتحقق الأمنية كوني قريبة من طلابك بروحك المتفائلة، وسوف يبدعون،وفي مثلك تحلو الكتابة؛ فشكراً لك أيتها السَّكِينة الفريدة في عام 2010 م، وأنا على ثقة بأن أرى مزيداً من السًَكِينات المبدعات في الأعوام القادمة قد تخرجن على يديك لنعيد السكينة لليمن، ونذكر العالم بأن بلقيس قادمة بقوة على جواد العلم والإبداع. أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية صنعاء عضو الجمعية اليمنية للعلوم التربوية والنفسية [email protected]