بمجرد أن يرحل صانعو الأفكار العظيمة.. ينطفئ ضوؤها وتظل شاغرة لا يملؤها سواهم.. كما هو الحال بالنسبة لنجوم الإعلام في بلادنا.. فقبل سنوات رحل زارع «البسمة» الرمضانية الأول.. الراحل الأستاذ محمد المحبشي..معد ومقدم برنامج «بسمة» في إذاعة صنعاء.. فبرحيله خفت ضوء تلك «البسمة» على أذن المستمع المهتم بمتابعتها قبل أذان المغرب.. وهو يوجه همساته اللاذعة برشاقة متناهية إلى كل متلاعب أو مماطل أو أية جهة تستحقُ أن يلفت انتباهها...إلخ. ثم حاولت إذاعة صنعاء أن تحيي الموات وتعيد إلى المستمع تلك البسمة الذهبية وإن اختلفت الأصوات.. وفي الآونة الأخيرة فقدت الساحة الإعلامية فارس الإعلام الذي ترجل صهوة جواده.. الراحل الأستاذ يحيى علاو الذي أبكى برحيله الآكام والجبال والسهول والأودية.. التي تعودنا أن نشاهده وهو يلوح لنا من على قممها وسفوحها.. وبكاه أيضاً العجائز والبسطاء والفقراء.. والشاشة الصغيرة التي فقدت ألمع نجومها.. في الإطلالة الروحانية عبر تاريخ “فرسان الميدان” والذي أضاف الكثير إلى رصيد المشاهد، ثقافياً وسياحياً وفكرياً ودينياً وترفيهياً.. الخ..!!. وفي هذا الرمضان.. تفاجأ المشاهد أن فكرة الراحل «علاو» لم تذبل وإن كان قبره يجف بعد.. وتلك فكرة جيدة أن يتبناها زملاء مهنة الراحلين.. فأطلت من فضائية «مقدمي» البرنامجين فالراحل «علاو» له أسلوبه.. وكذلك «المحمدي» وكلاهما له جمهوره ومتابعوه.. ولا أود الخوض أكثر في التفاصيل، وأكثر ما يشد المشاهد إلى «ساعة سفر» هو تلك الفقرة الإنسانية الأكثر من رائعة.. حيث يطرق «المحمدي» أبواب بيوت قتلها القهر.. وكفت يدها عن ذل السؤال.. وهي فقرة: «هدية البرنامج» وما يثُلج صدورنا أنها توضع في محلها.. سواءً بأثاث لمنزل يسكنه العراء.. أو مواد غذائية تشعل الدفء في مطبخ استوطنته صقيع الحاجة.. ولهذه الفقرة بالذات نقول: ل«المحمدي» برافو أستاذ «محمد» ومهما يكن لا مجال لوجه المقارنة أبداً.. وفي نهاية التناولة أوجه ملحوظة صغيرة.. وأتمنى أن يتسع لها صدر الأستاذ محمد المحمدي وهي أن يخفف قليلاً من اندفاعه وأن يتمالك نفسه أمام الميكرفون.. ورمضان كريم.