ها نحن إخواني نقترب وإياكم من انقضاء هذا الشهر المبارك , ونستقبل عيد الفطر المبارك الذي هو من أعظم المناسبات للشكر وهي فرحة إتمام الصوم ويوم الفطر، حين يعبّر المسلم عن شكره ذلك بالتكبير والتهليل والتحميد، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد . وقد شرع الله لعباده الصائمين زكاة يؤدونها في ختام شهر الصوم، تطهرهم مما يكدر صفو صومهم ، وهي زكاة الفطر أو صدقة الفطر هي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان. فرضت في السنة الثانية للهجرة، أي مع فريضة الصيام. وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال. واتفق جمهور العلماء أنها فريضة واجبة ،فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاة الفطر؛ طُهرة للصائم من اللِّغو والرِّفث، وطُعْمة للمساكين، مَن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” ، وعن ابن عمر- رضي الله عنهما – قال: “فرض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة”. فحكمة مشروعية زكاة الفطر أنها طعمة للفقراء فلا تجزيء إلا من طعام البلد؛ فعن أبي سعيد: “كنَّا نخرج في عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم الفطر صاعًا من طعام” ، وقال أبو سعيد - رضي الله عنه “: وكان طعامنا الشعير والزَّبيب والأَقِطِ والتمر” ، وتجب زكاة الفطر على كل مسلمٍ عبدٍ أو حر، ذَكرا كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، غنياً أو فقيراً. ويخرجها الرجل عن نفسه وعمَّن يعول، ولا يجب إخراجها عن الجنين. ،ويجب إخراجها قبل صلاة العيد لحديث ابن عباس، ويجوز تقديمها من أول شهر رمضان عند البعض، والأفضل تأخيرها إلى ما قبل العيد بيوم أو يومين , عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : “ من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات “ ، ومقدارها صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق ،وهو ما يقابل قيمة الزكاة عن النفس الواحدة ما قيمته مائة وخمسون ريالاً , كما حددته وزارة الإدارة المحلية. فكل واحد منا مطالب بأداء هذه الفريضة العظيمة وإقامة هذا الركن الأساسي في الإسلام وأن نقوم بدفعها إلى الدولة صاحبة الولاية في جبايتها لقولة تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم” وقوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يوصي معاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن: :إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب “، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه الله أمركم، فمن بر فلنفسه ومن أثم فعليها” ،وإن أي فئة ذات شوكة تتمرد على أداء هذه الفريضة؛ فإن من حق ولي الأمر- بل من واجبه - أن يقاتلهم ويعلن عليهم الحرب حتى يؤدوا حق الله وحق الفقراء في أموالهم. وهذا ما صرحت به الأحاديث الصحيحة، وما طبقه الخليفة الأول أبو بكر ومن معه من الصحابة الكرام، رضي الله عنهم ، ومن منعها بخلاً مع إقراره بها أخذت منه قهرا، وإن قاتل دونها قوتل حتى يخضع لأمر الله ويؤدي زكاة ماله .. والله الموفق .