الثورة اليمنية الخالدة (أيلول وتشرين) سبتمبر وأكتوبر لم تأت فجأة دون مقدمات، وإرهاصات، وخلفيات، لكنها كانت نتاجاً طبيعياً لخصائص الوطن اليمني الذي جبل على رفض الظلم والاستبداد والاستعمار الأجنبي، وهو رفض كانت تعبر عنه طلائعه من المفكرين والعلماء، والأدباء، وزعماء القبائل، والشخصيات الاجتماعية التي حظيت بثقافة وطنية متحررة جنباً إلى جنب مع شخصيات وطنية من البرجوازية التجارية ..هؤلاء مثلوا طلائع الحركة الوطنية المعارضة لحكم الإمامة، والاستعمار البريطاني..ولم تتخذ هذه الحركة غير النضال السلمي في بدايتها والدعوة للتحرر والإصلاح.. لكنها ووجهت بالعنف والقوة والبطش والقتل والتنكيل والسجن للقيادات الطليعية وكل من يرتبط بها، أو كان ذا علاقة معها من قريب أو بعيد. وقد أدى ذلك إلى المقاومة التي ظهرت في المحافظات الجنوبية على شكل عمليات فردية، وعلى شكل حركات وتمردات في المحافظات الشمالية كلها فشلت ووئدت في المهد لأنها كانت معزولة عن الشعب .. ومع ذلك أصبحت تجارب اليمن تؤدي إلى ولادة اليقين الثوري، وضرورة إزالة النظام الإمامي وطرد الاستعمار .. وبدلاً من التمردات والعمليات الفردية.. تحول العمل إلى شكل منظم وسري لدى مجموعة من الشباب الضباط الصغار الذي عرف تنظيمهم بتنظيم الضباط الأحرار. عندما تكوّن تنظيم الضباط الأحرار في بداية الستينيات من القرن الماضي كان الشعب قد تشكل وعيه الثوري بفعل نشاط المعارضة، والحركات والتمردات والعمليات الفردية وكذا بفعل تأثير الثورة العربية في مصر (ثورة يوليو 1952م) والتي كان أثرها كبيراً على عدد أو معظم تنظيم الضباط الأحرار الذين لم يطل انتظارهم بل تحركوا في عام 1962م يوم 26 أيلول سبتمبر لإسقاط النظام الإمامي ويعلنوا قيام الجمهورية. في خضم الدفاع عن الثورة سعت قيادة الثورة لإعلان الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وتحقق لها ذلك في 14 تشرين أكتوبر عام 1963م ..لتمضي الثورة في حرب الدفاع في الشمال وخوض الكفاح المسلح ضد البريطانيين .. حتى انتصرت في عام 1967م باستقلال جنوب الوطن .