في مثل هذا اليوم ال26من سبتمبر عام 1962م اندلعت ثورة الشعب اليمني ضد الظلم والاستبداد الإمامي الكهنوتي, الذي كان جاثماً على شمال الوطن, وأكد الهدف الأول من أهدافها الستة على:( التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات), وهذا ما يؤكد أنها ثورة الشعب اليمني كله من المهرة شرقاً حتى الحديدة غرباً, ومن صعدة شمالاً حتى عدنجنوباً, كما أنها لم تكن فقط مجرد ثورة لتغيير نظام الحكم القائم آنذاك بنظام جديد, ولكنها ثورة ضد الفقر والجهل والمرض.. ثورة تغيير شامل لنظام الحكم وللحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية, كما أنها ثورة للبناء والتنمية والتطور والازدهار ولذلك التف حولها أبناء الشعب اليمني وتدافع الشباب من أرجاء الوطن الواحد للانخراط في صفوف المدافعين عنها, والوقوف صفاً واحداً في وجه القوى المعادية والمتآمرة عليها.. ثمانية وأربعون عاماً مضت من مسيرة الثورة الخالدة شهد خلالها الوطن اليمني إنجازات وتحولات عظيمة ما كان لها أن تتحقق لولا تلك التضحيات الجسيمة, التي قدمها شعبنا خلال مسيرته النضالية ضد حكم الأئمة والسلاطين والوجود الاستعماري البريطاني الذي كان جاثماً على جنوب الوطن, إذ خاض معارك الدفاع عن الثورة والكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني حتى تحقق النصر بإعلان الاستقلال ورحيل آخر جندي بريطاني من أرض اليمن في ال30من نوفمبر عام 1967م وتحقق الانتصار على فلول الملكية في ملحمة السبعين يوماً في فبراير 1968م. إنجازات كبيرة تحققت رغم كل الصعوبات والعراقيل والمؤامرات, التي واجهتها الثورة اليمنية 26سبتمبر و14أكتوبر منذ لحظة انطلاقتها, ولعل منجز إعادة وحدة الوطن في ال22من مايو 1990م يعد أهم وأعظم الإنجازات على الإطلاق, والذي لا يمكن مقارنته بأي إنجاز آخر مهما كان حجمه, وسيظل هذا الإنجاز التاريخي العظيم هو الأبرز والأعظم ليس للشعب اليمني وحسب وإنما للأمة العربية والإسلامية كافة.. ما تحققت من إنجازات خلال ال48عاماً من عمر الثورة ليس بالشيء القليل والهيّن, فلم يكن أحد من أبناء اليمن في ستينيات القرن الماضي يحلم ولو مجرد حلم بتحقيقها, أو ربما أنها كانت بمثابة أحلام بعيدة المنال ومستحيلة التحقيق خاصة إذا ما عرفنا أن عدد المدارس الابتدائية التي كانت موجودة في شمال الوطن في العام 1963م اثنتى عشرة مدرسة فقط, وعدد الطلاب والطالبات (بضعة آلاف) والمدارس الإعدادية مدرستان وعدد الطلاب والطالبات (730) والمدارس الثانوية ثلاث مدارس فقط, وعدد الطلاب والطالبات (84)طالباً وطالبة, ولم يكن يوجد معهد مهني واحد ولا كلية أو جامعة, وكان التعليم في الريف مقتصراً على تعليم القرآن في الكتاتيب (المعلامة), ولم يكن يوجد من يحمل مؤهلاً جامعياً في أي تخصص, ولذلك ركزت حكومة الثورة جهودها على التعليم وبناء الإنسان باعتبار ذلك مفتاح التنمية والتطور والبناء الشامل. هل ما تحقق خلال48عاماً من عمر الثورة قد لبى كل الطموحات والآمال؟...بالطبع ستكون الإجابة أنه رغم كل الإنجازات العظيمة والتحولات التاريخية التي شهدها الوطن في ظل الثورة إلا أن الآمال والطموحات لا تتوقف عند حدٍ معين فمع كل عام جديد للثورة, بل ومع كل إشراقة شمس يوم جديد تزداد الآمال والطموحات بتحقيق المزيد من الإنجازات والتحولات وإحداث المزيد من التطور والنماء والازدهار, فجميعنا يطمح إلى أن تغطي شبكة الكهرباء والهاتف كافة القرى والعزل في عموم المديريات بالجمهورية, وربط كافة العزل والمناطق بشبكة الطرق الأسفلتية, وإنشاء المزيد من الجامعات لتشمل كافة المحافظات, وكذا الكليات والمعاهد المتخصصة لتشمل كافة المديريات, وكذا مشاريع المياه والصحة, والعمل على إنهاء كل مظاهر الفساد وكافة الممارسات والسلوكيات الخاطئة التي تمثل ندوباً في الوجه الجميل للثورة, وتسيء لمن فجروها ودافعوا عنها.. كما يجب العمل على مكافحة الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للشباب حتى يكونوا أدوات للبناء والتطور والازدهار, وطاقات خلاقة للإبداع والتغيير نحو الأفضل..فالثورة عطاء متجدد لا يتوقف عند حدود معينة أو زمن معين.