بعد أشهر طويلة من اللقاءات المكثفة «السرية والعلنية» بين مسئولين فلسطينيين واسرائيليين وعرب، والرحلات المكوكية المستمرة والمتواصلة التي قام بها مسئولون أمريكيون وأوروبيون لمنطقة الشرق الأوسط، فقد نجح المجتمع الدولي بقيادة الزعيمة أمريكا في تحريك عجلة السلام الفلسطينية الاسرائيلية المتوقفة وجعلها تدور من جديد بعيداً عن مبادرة السلام العربية بغية الوصول إلى تحقيق السلام المنشود والعادل لجميع أطراف الصراع فوق التراب العربي الفلسطيني, سلام بين صاحب الأرض والغاصب المحتل!!. جهود دولية وضغوط أمريكية أثمرت عن عقد جولة جديدة من المفاوضات المباشرة على أرض السلام والأمن والحرية والعدالة والديمقراطية أمريكا وبرعاية أمريكية خالصة وإشراف مباشر من الرئيس الأمريكي أوباما ومباركة عربية وأوروبية ومتابعة واهتمام دولي عكس الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط والحاجة الملحة إلى تحقيق السلام في هذه المنطقة من العالم، وهو ما سيعتبر إنجازاً تاريخياً للبشرية ومعجزة القرن الحادي والعشرين ستخلّد زعماء السلام وحلّالي عقد الأزمات والصراعات المستعصية. طبعاً هذا إن تم وعمّ السلام على أرض فلسطين الملتهبة منذ عقود وكفّت آلة الموت الاسرائيلية عن قتل الشعب الفلسطيني واجتثاثه من فوق ترابه الوطني. بدأت المفاوضات المباشرة كما خُطط لها بين الرئيس الفلسطيني أبي مازن ورئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، وهو ما اعتبره المهتمون خطوة مهمة في اتجاه السلام وانتصاراً للدبلوماسية الأمريكية التي تغلبت على كل العقبات، واستطاعت تقريب وجهات النظر المتباعدة بين طرفي الصراع وجمعهم حول طاولة وجهاً لوجه عملاً بالمثل القائل: «الوجه من الوجه يستحي». وهو ما دفع الجميع إلى التفاؤل وخصوصاً الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته اللذين أكدا دعم أمريكا ومساندتها لحل الدولتين والتعايش السلمي جنباً إلى جنب، دولة فلسطينية وشعب عربي، ودولة يهودية وشعب اسرائيلي، فما الذي حدث في تلك المفاوضات، وهل حققت الهدف منها، وهل التزم كل طرف بتعهداته، ولماذا تمسك الفلسطيني بالمفاوضات رغم تراجع اسرائيل؟!. فلم تمضِ أكثر من ثلاثة أيام على المفاوضات التي كان شرطها الأساسي تجميد الاستيطان حتى عادت اسرائيل لبناء المستوطنات ومصادرة الأراضي والمنازل وكل ما من شأنه توسيع الوجود الاستيطاني, فلماذا لم ينسحب الجانب الفلسطيني ويعلن إلغاء التفاوض المباشر مع اسرائيل كما حدد من قبل؟!. أمور كثيرة لا ندرك خفاياها، ولا نستطيع سبر أغوارها، ولكن الأكيد هو أن اسرائيل لا ترغب أبداً بالسلام ولا تريده, فرئيس الوزراء الاسرائيلي لا يتنازل ولا يتأثر بالضغوط الدولية ولا يستحي أو يخجل كما هو حال المسئول العربي الذي يستحي كثيراً ويخجل دائماً وخصوصاً من وجه المسئولين الأمريكيين، ولهذا تراه دائماً يقدم التنازلات تلو التنازلات، ولا يتمسك بأي قرار حتى ولو كان في مصلحة وطنه وقضيته!!. وصحيح أن الوجه من الوجه يستحي!!.