بعد أ ن تقطَّعت بهم الأسبابُ وضاقت بهم السبلُ، وأوصدت بوجوههم الأبواب، ها هم عتاولةُ الإجرام ومصاصو الدماء يلجأون إلى آخر أوراقهم، وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، ليُضيفوا إلى تاريخهم الأسود مشاهد جديدة مضمخة بدماء الأبرياء، بدلاً من أن يبحثوا عن حسن الخاتمة ويكفِّروا عن ماضيهم الأسود، وما اقترفته أيديهم بحق الأبرياء من أبناء هذا الشعب .. لستُ مستغرباً مما يقومون به حتى وإن بلغت أعمارهم السبعين أو الثمانين، فمن تربّى على الإجرام وترعرع بين روائح الدماء لا يستطيع إلاّ أن يختم عمره خاتمة السوء، على الرغم من قناعتي المُطلقة بأنهم ومهما كانوا محترفين للجرائم والفتن، فإنها آخرُ قشّةٍ يتعلقون بها، كيف لا وطوفان أعمالهم قد ضاق بهم ذرعاً وحاق بهم مكرُهم السيء، لتتقاذفهم الأمواج في بحر لجي ليس له أول ولا آخر، إلاَّ النهاية المريعة والحتمية لكل المجرمين .. الكارثةُ أنهم يحسبون أنفسهم زعماء، ولا أدري كيف يكون زعيماً من يُنصِّبُ مشانق الموت لأهله، ويعمل على تفتيت وطنه ويثير العداءات بين أبنائه ؟ ويجعل من الغدر والمكر منهجاً لحياته وسمة لسياساته ؟ . أما أمُّ المصائب فإن هؤلاء المُخادعين يحظون بدعمٍ ومؤازرةٍ وتواطؤٍ لتمرير مخططهم البغيض من أناسٍ لا يريدون الخير لهذا الوطن، يتنكرون له ويحاولون إذكاء الصراعات بين أبنائه، حتى تتحقق طموحاتهم السحيقة والمنتنة. نعم ..إنها قشّةُ الغريق التي لم يجد ما يتشبثُ به عداها، فالأيام قد كشفت زيفَ دعاواهم وحقائق إجرامهم مهما تستروا خلف الباطل، ومهما كذبوا ودجلوا فسيصدق فيهم قولُ المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم :« للباطل صولة ثم يضمَحِّل» أما نحن أبناء هذا الشعب الأبي فمُهمتنا المستقبلية عظيمةٌ، كي نقضي على الظواهر التي تكدِّر صفو حياتنا، فمكافحة الفقر والفساد وتصحيحُ مسار العملية التعليمية والقضاء على الأمية، قضايا رئيسة تقفُ عائقاً أمام مسيرتنا، وذلك لن يتم إلاّ إذا استشعرنا جميعاً هذه المسؤولية، ووقفنا صفاً واحداً بوجه الفساد والمفسدين أينما كانوا باعتبارهم حجرَ عثرة أمام التقدم والازدهار والتطور والنماء، والله المستعان .. [email protected]