الوطن هو أغلى ما يمتلكه الإنسان، ولا يستطيع أي فرد أن يفيه حقه مهما صنع أمام المكاسب التي حصل عليها والخير الذي عاد عليه في حياته, ومن الجحود والنكران أن نسيء لهذا الوطن ونتنكّر لكل ما قدّم وصنع لنا مهما كانت المبررات والدوافع، إذ إن المطلوب أن تنبض كل قلوب اليمنيين بحب اليمن وتتوحد جهودهم من أجل الخروج به من الأزمات الراهنة التي تكاد تعصف به. فمن بحب اليمن ويسعى من أجل تطورها ورقيها وتقدمها وازدهارها لا يقوم برفع الشعارات الانفصالية ويقوم بأعمال التقطع والهدم والتخريب وإقلاق الأمن والسكينة العامة وتعطيل مسيرة البناء والتنمية ويقف متفرجاً إزاء الخطوب والأخطار التي يواجهها الوطن، ومن يحب اليمن عليه أن يكف عن ممارسة صنوف وأشكال الفساد والإفساد ويكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء عن نهب وتبديد المال العام والتلاعب بالأنظمة والقوانين واستغلال المناصب الحكومية التي يشغلونها في خدمة مصالحهم الشخصية النفعية الضيقة. ومن يحب اليمن عليه أن يكون حريصاً على عدم التدخل في شئون القضاء لا من قريب ولا من بعيد، وعليه أن يعمل على تطبيق النظام والقانون ويكون في مقدمة من ينصاعون لذلك، ومن يحب اليمن عليه أن يكون حريصاً على مقارعة الظلم وأهله والانتصار للعدالة وأهلها، ومن يحب اليمن عليه أن يدرك أن الوظيفة العامة تكليف لا تشريف ومغرم لا مغنم وأن تعيينه في هذه الوظيفة لا يعني أن لا يوجد غيره ممن يصلح لتوليها, فهناك الكثير ممن يستحقونها ولذا فإن عليه الإخلاص في عمله وأداء الواجبات والمسئوليات المنوطة به على الوجه الأمثل دونما تقاعس أو تهاون، وعليه أن يسخّر ساعات الدوام الرسمي على أقل تقدير لإنجاز المعاملات الخاصة بالمواطنين والاستماع لهمومهم ومشاكلهم وقضاياهم باعتبار ذلك من أولويات مسئولياته وعليه أن يبتعد عن الانشغال بالمسائل والقضايا السطحية والكمالية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وعليه أن يجسد الصورة المثلى للمسئول القدوة الذي يقوم بأداء المسئوليات الموكلة إليه أولاً بأول، ومن يحب اليمن عليه أن لا يجعل هذا الحب مقتصراً على رفع العلم على سطح منزله أو المؤسسة أو المكتب الذي يديره وتعليق الأنواط على بدلته الأنيقة, فحب الوطن ليس مجرد شعارات فحسب بقدر ماهو وقائع عملية ملموسة على أرض الواقع سبق الإشارة إليها في الأسطر السابقة. من يحب اليمن عليه أن يكون عصامياً ليقتدي به الآخرون، ومن يحب اليمن عليه أن يبذل ما في وسعه من أجل رقيه وتطوره وتقدمه وازدهاره قولاً وفعلاً، ومن يحب اليمن عليه أن يعي أن الحوار الوطني الجاد والمسئول هو السبيل الأمثل لإخراج البلاد من بوتقة الأزمات الراهنة وعليه قبل ذلك أن يعترف بهذه الازمات ويعمل من اجل الشروع في معالجتها وليس في ذلك أي ضيم أو خوف، فالأخطاء واردة ومن لا يخطىء هو فقط ذلكم الذي لا يعمل ووجوده في الحياة مجرد عالة على وطنه ومجتمعه وأسرته، علينا أن نعترف بأخطائنا وهذه قمة الشجاعة ومن أعلى مراتب الوطنية وخصوصاً عندما ندرك أن هناك هفوات وتجاوزات وأوجه قصور ارتكبت هنا أو هناك فالاعتراف بالأخطاء قيمة سامية وفضيلة نبيلة وهي اليوم البداية الصحيحة للخروج من هذه الأزمات. المكايدة والعناد مرفوضة وممقوتة, والاستغلال والمساومة على القضايا الوطنية مسالك وطرق دنيئة وغير محمودة ومن حق اليمن علينا جميعاً أن نتسامى فوق المناكفات الحزبية والمكاسب السياسية والمصالح الشخصية ونتحالف مع الوطن لأجل الوطن, ونعمل على طي ملفات الماضي وفتح صفحة جديدة عبر طاولة الحوار الوطني المنشود الذي لن يتحقق إلا إذ قدّم أطراف العمل السياسي في البلاد التنازلات، وغلّبوا المصالح الوطنية العليا على المصالح الحزبية والسياسية والشخصية الضيقة، والحوار هنا فرصة قد لا تتكرر وخصوصاً أن البلاد على موعد مع استحقاق انتخابي قادم في 27 إبريل 2011م والمتمثل في الانتخابات البرلمانية، فالوفاق والتوافق في هذه المرحلة ضرورة حتمية مادامت قلوب كل اليمنيين سلطة ومعارضة تنبض بحب اليمن، فالحوار هو الحل مهما كانت التبعات المترتبة على إنجاحه لأن الوطن أغلى من كل شيء.. كل الأمنيات للحوار الوطني – الوطني بالخروج إلى النور وتحقيق أعلى مستويات النجاح وبما يلبي طموحات وتطلعات كافة أبناء الشعب وبما يكفل لهم حياة معيشية هانئة ومستقرة على طريق اليمن الجديد. والمستقبل الأفضل.