تختلف طبائع الناس كاختلاف الألوان حتى إننا يمكن أن نصف الإنسان باللون فنقول: هذا رمادي لأنه باهت ومتثعلب، قادر على السباحة في مختلف الظروف والأجواء تماماً كما يفعل القرد الموصوف في الأبراج الصينية باعتباره متقلباً اكروباتياً قادراً على أن يضحك على الناس لكنه في نهاية المطاف يقع في شر أعماله. يمكننا أن نصف الشخصية النارية سريعة الغضب وارتكاب الحماقات باللون الأحمر . كما يمكننا أن نصف الشخصية المائية الطيبة باللون الأخضر أو الأزرق .. وهكذا دواليك. إن هذه المتوالية في تناوب الأوصاف والأشكال اللونية بين الإنسان والطبيعة تمنحنا الثقة بأن الطبيعة هي الحاضن الأكبر للإنسان وطبائعه الغريبة المتقلبة، كما ترينا أن الله منح الناس أوصافاً وطبائع تختلف وتتباين بعدد البشر، لكن الاختلاف المطلق يحمل في طياته تشابهات نسبية حيث ان الطيور على أشكالها تقع، وان الطيب لا يختار إلا طيباً والخبيث لا يختار إلا الخبائث. قد يتساءل المرء: هل هذه النعوت والأوصاف السابقة على الاختيار تعني أننا نسير على درب الجبر لا الخيار وأننا مسلوبي الإرادة تجاه الصفات المكتسبة التي تأتينا في الجينات وتسري في دمائنا مسرى الماء والهواء؟!. لا شك أن هذه القدرية الجبرية تنطوي على خيارات مداها العقل والذائقة .. فالخالق منحنا العقل والبصيرة حتى نتميز الطيبات من الخبائث والأسود من الأبيض مما يجعل الجبر والخيار كيمياء للتماهي لا التفارق المطلق. [email protected]