مما لاشك فيه ولا اختلاف أن أعمار البشر والثورات والمؤسسات والدول تقاس بما حققته من إنجازات وتضحيات وإبداع وماقامت به من مشاريع أو ما أحدثته من تغيير في وعي وتفكير وسلوك الإنسان وواقعه الاجتماعي.. ثمة ما يجعل جامعة عدن بحاجة ماسة وضرورية للوقوف الموضوعي أمام الأربعة العقود الآنفة من عمرها ومشوارها المعرفي والوطني للمراجعة والمكاشفة والتقييم ,ليس لغرض الاستعراض وترديد الشعارات وكيل المنجزات والمكاسب ,بل للاعتراف بمكامن الأخطاء وأسباب التقصير أو الفشل والعجز , لأن ذلك مقدمة جوهرية للنجاح وتجاوز العثرات.. أربعون عاماً من عمر جامعة عدن ومشوارها التنويري والبناء المعرفي, استهدفت تغيير وعي وتفكير وثقافة الإنسان اليمني وتعاطيه مع عهد جديد ويمن جديد. أربعون شمعة أضاءت طريق جامعة عدن وثورتها المعرفية وعطاءها الإنساني، ستتوج تلك العقود بوقفة إجلال واحترام وتقدير للرعيل الأول الذي كان لهم شرف وضع اللبنة الأولى لهذا المنجز الوطني والإنساني الرائع ,علينا أن نكرم أولئك المؤسسين وأصحاب الهمم العالية لانستثني منهم أحداً من أول فرّاش أو حارس أمين إلى رجل القرار الأول في هذه المؤسسة الاكاديمية المتطلعة للنجاح والتميز. رؤساء هذه الجامعة المتعاقبون على قيادتها اسهموا كل في مرحلة واعطى كل منهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً , صاحبهم النجاح مثلما اعترضت بعض أعمالهم الاخفاقات، مع ذلك لكل منهم رصيد. أربعون عاماً من الحفر في جدار المعرفة والضمير اليمني على السواء , ستتوج تلك العقود الأربعة بمؤتمر علمي خصص للوقوف على مسيرة الجامعة العلمية والمعرفية والأكاديمية وتسليط الضوء على مكامن العطب والخلل واقتراح المعالجات اللازمة لإصلاح ما خربته أو أفسدته الضمائر والأيام، أية معالجات تتطلبها المرحلة لجامعة عدن يجب أن توكل لفريق علمي وعملي متخصص من كل الأطياف المشكلة للجامعة حتى يتحمل الجميع مسئولية الإصلاح المؤسسي المطلوب لجامعة عدن , ومتابعة تلك المعالجات والإصلاحات المنهجية حتى لاتتثلج تلك الأفكار وذاك الحماس في الأدراج ,تفقد الجامعة الفرصة الذهبية للتغيير والتألق.. ما أحب التنبيه عليه هو ألا تتحول جامعة عدن إلى نقطة الضعف في البناء المؤسسى, ابعد هذا أو ذاك لأنه من منطقة أو محافظة أخرى .. الأمر الذي سيقود الجامعة إلى المربع الخاسر مؤسسياً ووطنياً ومعرفياً, نتمنى ألا تقاد الجامعة لتلك الزاوية الضيقة. جامعة عدن يجب أن تبقى ثورة متجددة لليمن الموحد الديمقراطي الجديد , تصلح ما اعتل من وعي اجتماعي وتقف بحزم وموضوعية ضد أي استلاب أو عبث ,تترفع عن ثقافة التوازن أو التقاسم بل وتحاربه بكل الوسائل والسبل، لأن تلك الثقافة المشوهة لاتخدم المسيرة المعرفية والعلمية والاكاديمية والوطنية , إنها آفة المجتمعات والمؤسسات, فهل تستطيع جامعة عدن التخلص من تلك الآفة القاتلة حتى تبقى مؤسسة وطنية تنتصر لليمن الوحدوي الكبير؟. [email protected]