ثمة قضايا تعيق تطور ونمو المؤسسات الوطنية على اختلافها، منها التغيير العشوائي والانتقائي من قبل قيادات المؤسسات لمجرد الاختلاف مع الآخرين الذين يصبحون أشخاصاً غير مرغوب فيهم رغم كفاءاتهم ونجاحاتهم الملموسة التي أصبحت مصدر قلق لقيادة هذه المؤسسة أو تلك..المضحك والمبكي معاً هو أنك تسمع خطاباً يتحدث وباستفاضة واستغراق عن الخطط والبرامج والمنهج المؤسسي وبلغة رصينة وصوت جهور وعبارات منتقاة، في الوقت نفسه تنبئك وتصدمك الممارسات والسلوكيات والقرارات اللامسؤولة التي تبرز داخل هذه المؤسسة أو تلك متحيزة وبشكل فاضح للشللية. قصور الوعي المؤسسي لدى الكثير من القائمين على مؤسسات الحكومة سواء الأكاديمية أو التعليمية أو الخدمية، وغيرها عن المؤسسات الوطنية التي نعَوِّل عليها النهوض والتطور الوطني والتنمية الاجتماعية، مثلما نُعوِّل عليها إحداث نقلة نوعية في وعي الانسان وسلوكه وقناعاته، بدلاً عن الانتكاسات والإعاقات المتتالية التي تحدثها وتتسبب بها، أصبح ذلك القصور وارداً لاندري إن كان متعمداً إقلاق وإفراغ المؤسسات من نسيجها الوطني لتكون مغلقة على جماعة بعينها. اليمن الوحدوي الكبير انتهج النظام الديمقراطي القائم على المؤسسات التي تجمع في مجالها أو تخصصها أو خدماتها أو رسالتها أبناء المجتمع على اختلاف انتماءاتهم وطبقاتهم دون فرز أو تحيز.. يبدو أن البعد الثقافي أو المشروع الثقافي الذي كان ينبغي أن يأخذ مكانه ودوره وتأثيره في مجريات الحياة الاجتماعية والمؤسسية على السواء منذ فجر الثورة وعودة الوحدة الوطنية يتجدد ذلك المشروع الثقافي الوطني، وتقاس أبعاده ومعوقاته ونجاحاته مع تجدد الأيام حتى لاتتيبس الأفكار في الوعي وتتحول إلى ممارسات لامسؤولة، لاتخدم المجتمع ولاتساعد المؤسسات على النمو والتطور والمنافسة المطلوبة. المؤسف أن مؤسساتنا تخضع في كل تغيير قيادي لعدد غير متناهٍ من متتاليات التغيير والتبديل العشوائي أو الممنهج بحسب الطقس والجغرافيا التي يفترض باليمنيين أن يتجاوزوها ويعيدوا تموضع الوعي المؤسسي الذي يستوعب الإنسان اليمني دون فرز مسبق يتأثر بشهادة الميلاد، التي لاترجع إليها المجتمعات إلا حين تريد أن تفاخر بما حققه هذا أو ذاك من فتوحات علمية ومعرفية وإنسانية ليس إلاّ. بعض مؤسساتنا الوطنية تتعاطى مع التغيير والتبديل والإقالات بصورة لاتتناسب ومكانتها وتاريخها وقياداتها، الأمر الذي بات يشكل عبئاً إضافياً في رصيد ونهج هذه المؤسسة أو تلك، وإشاعة ثقافة لاتخدم التلاحم الوطني ولا الاستقرار الاجتماعي. لوجه الله تحمّلوا الأمانة بحقها، راقبوا تلك المؤسسات التي توشك أن تتحول إلى وكالات لاتخدم اليمن في القريب أو البعيد بل تزيد من التأزمات والاختناقات، المجتمع اليمني الطيب في غنى عنها. [email protected]