إن الجامعة في أنظمة وأعراف كل المجتمعات المتقدمة أو النامية مؤسسة وطنية معرفية علمية تربوية وبحثية ,ذات شخصية اجتماعية وحضارية واعتبارية تنتصر للحقيقة والإبداع تقدس الحق وتبحث عن الحكمة حيثما وجدت ومع من كانت.. الجامعة اليمنية (حكومية أهلية) مازالت مصابة بهستيرية السباق الكمي والنهم المادي غير المنظم أو مستثمر بما يخدم الجامعة كمؤسسة بحثية وعلمية ومعرفية, الملفت للنظر ولكل متتبع منصف أن جامعاتنا الحكومية على وجه الخصوص تنسحب إلى مربعات الانكفاء والاحتواء السيىء, معتبرة الانغلاق على تلك الآفة دليل تطور أو نهوض, وهو في الحقيقة دليل عقم وسقوط، لأنها تدير ظهرها للحكمة وتعلن قطيعتها للإبداع والتميز والاحتراف البحثي الذي جعل الجامعات في البلدان والمجتمعات الأخرى مصدراً للتحول والنهوض والتفوق المعرفي والعلمي والحضاري. الإبداع العلمي والمعرفي والبحثي في جامعاتنا اليمنية مازال خارج خارطة الاهتمام المؤسسي والمشروع التحديثي للفرد والمجتمع، نظراً لانشغال جامعاتنا بمشاريع ضيقة وبرامج هامشية تبدأ بالتسييس والاقصاء والقرارات الارتجالية وتنتهي بالفرز القروي والعبث الشللي المفسد. جامعاتنا اليمنية تمر بمرحلة تحلل واجترار، لايعبر عن وعي ناضج أو عمل مؤسسي يخدم الجامعة ويدفع بالتنمية المعرفية والبشرية إلى مستويات تتناسب والإمكانيات المهدرة بدون رقيب الفردية في القرار والعمل والتفكير والقيادة صفة غالبة وظاهرة , قيادة هذه الجامعة أو تلك غير قادرة على استيعاب الآخر واحترام حقه في البحث والمشاركة والإدارة والقيادة ,تتوجس من الآخر لمجرد الاختلاف معه. العمل والدور المؤسسي المطلوب ترجمته من خلال البرامج والمشاريع والخطط الواقعية بقصد إحداث نهوض وطني يبدو أنه أُجل إلى موعد بلا تاريخ,لأن الأهداف الكبرى التي بنيت الجامعة وشيدت على أساس منها غُيبت عن القيادات الجامعية التي تحملت الأمانة ثم تخلت عنها عند أول منعطف، تحولت إلى مشاريع وخطط خلفية ووهمية التوجه والهدف والأبعاد والخارطة، تفقد شيئاً فشيئاً نعمة التنوع والعطاء الجماعي. بعض الجامعات اليمنية بحاجة إلى مراجعة في قراراتها وتغييراتها، بحيث تكون ذات طابع مؤسسي وليس ذاتياً تبتعد عن تفصيل العمادات والإدارات العامة ورئاسات الأقسام على أشخاص بعينهم وياليت قد تم الاختيار وذاك التفصيل للكفاءة والقدرة, المؤسف أن تكون الجغرافيا أو القرية أو القبيلة هي عنصر الكفاءة ودواعي الاختيار وصاحبة الحضور الأول، الأمر الذي سيجر جامعاتنا إلى حلبات الصراع الخفي الذي يقتل المؤسسة ويفرغها من طاقاتها وإبداعاتها وامكانيات تميزها وإضافاتها الوطنية والإنسانية. الجامعة اليمنية معنية قبل كل المؤسسات الوطنية الأخرى بالتزام المشروع الإبداعي والواجهة الوطنية والمسار المؤسسي اليوم قبل الغد وعدم الاستجابة لدواعي الانغلاق الجغرافي لأن ذلك لايخدم أحداً ولايساعد على النهوض والتطور. [email protected]