اهتزت ثقة الناس بالقضاء لفترة طويلة بسبب بعض القضاة وخاصة أمناء السر في المحاكم والنيابات, وقد كان الهمُّ إصلاح القضاة وليس القضاء؛ كون القضاء قائماً على قوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية والسنة النبوية, والقوانين اليمنية كثيرة وعادلة, لكنها تشوّهت بفعل الفاعلين الذين أدخلوا الطالب والمطلوب والقاضي الحقيقي في دوامة لانهاية لها بما في ذلك المحكمة العليا. وقد بدأ الناس يلمسون جهوداً من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى عصام السماوي ووزير العدل, وإن كانت في بدايتها تشير إلى أن عملية إصلاح القضاء لن تتوقف عند حدّ التحركات القضائية والتنقلات لأعضاء السلك القضائي والنيابات من محكمة إلى محكمة ومن نيابة إلى نيابة, بل إن المساءلة والمحاسبة ستبدأ من التفتيش القضائي الذي يمثل الأداة الأولى لمسؤولي السلطة القضائية لضبط الاختلالات الجسيمة التي أصابت القضاء إصابات متكررة تأذى منها القضاة الشرفاء وأعلنوا ذلك فيما بينهم أي داخل السلطة القضائية وأمام رئيس الجمهورية الذي كان يشعرهم بالاهتمام بهم, وبأنهم الركيزة الأساسية التي يجب أن تصمد في وجه من يريدون تشويه سمعة القضاء والقضاة. بدأ رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس المحكمة العليا ومعه وزير العدل والنائب العام من حيث يجب أن تكون البداية, وكان لافتاً ومنطقياً الاهتمام بعمل التفتيش القضائي بالعودة إلى بعض سلبياته الماضية وانضمام بعض المسؤولين إلى قائمة الهدّامين للسلطة القضائية بمعاول المعرفة بالكمائن التي يجيد بعضهم نصبها للقاضي والمتقاضي فيدخلان مايشبه الغيبوبة المستعصية إلا على العاجزين بالطبيعة وأما الأكفاء والشجعان منهم فقد استطاعوا أن يحافظوا على سمعتهم وسمعة القضاء, وخدموا الشريعة والنظام بما استطاعوا دون خوف إلا من الله ورسوله. ومنذ أن تولى القاضي السماوي منصبه قُدم عدد من القضاة والمساعدين وأعضاء النيابات إلى المساءلة على مخالفات ارتكبوها مخالفين المسلك الذي يخصهم قبل غيرهم؛ لكي لاتضعف ثقة المواطن بهم وفي نفس الوقت يجسدون هدف وسياسة السلطة العليا في البلاد, الرامية إلى تطهير القضاء بشقيه من الفاسدين وإغلاق الأبواب التي يدخل منها الوباء العضال في صورة راشٍ ومتنفذ, وسمسار مسؤول وغير مسؤول في الدولة. ومن العقوبات التي اتخذت ضد من ثبت أنهم أساؤوا إلى سمعة القضاء التوقيف والإحالة إلى المحاكمة والمحاسبة وربما الفصل عن الوظيفة دون إعلان ذلك عبر وسائل الإعلام؛ ليكونوا عبرة لغيرهم ممن لايزالون يراهنون على الغفلة عنهم وعلى أساليبهم الماكرة التي كانت السبب في استمرار السلبيات والمظالم التي يشهد عليها الازدحام في المحاكم والنيابات, وهو النتيجة الطبيعية لضعف بعض القضاة ومساعديهم, وبالذات أمناء السر أمام المادة والمصالح الخاصة المتبادلة بينهم وبين بعض الخصماء, الذين يبذلون المال بدون حساب وتتطور النزاعات إلى قتل وإصابات جسيمة بين طرفي قضية انحاز فيها قاض أو مساعد أو .. إلى الطرف القوي, ولو يعود القاضي السماوي إلى سجلات المحاكم والنيابات لوجد أن مئات الأحكام المقررة منذ عشرين وثلاثين سنة لم تنفذ حتى الآن؛ لأنها لاتسقط بالتقادم فيأمر بتنفيذها على الخصماء أو على ذرياتهم إن كانوا قد ماتوا.