لا يعرف الإنسان النعمة التي يسبح فيها حتى يحرم منها. والناس يسبحون في نعم كثيرة وليس نعمة واحدة ولكن أكثر الناس لا يشكرون. ولا يعرف نعمة الصحة إلا المريض على شكل تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. ولا يعرف الشوق إلا من كابده. ولا يعرف لسع النار إلا من احترقت رجله فيها. ولا يخاف الطفل من الأفعى حقا حتى تعضه بنابها. ولا يعرف الحياة الرخيصة إلا من سافر إلى أمريكاوكندا وأوروبا فدفع في سعر نفس السلعة ثلاثة أو أربعة أضعاف وثمن ليتر البنزين قريب من خمس ريالات. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار. ومن الضروري اكتشاف المزايا عندنا وأن نعرف أن بلادنا ليست نارا تتلظى وأن الغرب جهنم فيها جنتان مدهامتان. وروت لي ابنتي التي تسكن في كندا من القصص ما ارتعتُ له. ومنها العائلة السويسرية من أصدقائها وكانت السيدة حاملاً فضجت في المطار وهي تسأل موظفة بعد الأخرى عن المعلومات فلا تجاب وهي مثقلة في حملها. فغضبت وهي في مطار دولي في تورنتو فقالت لإحداهن: هل يمكن أن أعرف ما هو اسمك حتى أذهب للمسؤول فأسأله عن تصرفاتكم وأصل إلى المعلومة التي أريد. وفي هذه الأثناء كأن الطفل أي ابنها المرافق لها وهو غلام صغير اقترب من الموظفة. فلم تلبث أن رأت نفسها وهي مطوقة بالشرطة المدججين بالسلاح. قالت لهم ما الخطب؟ قالوا نريد اعتقالك لأنك ضربت أحد موظفي المطار؟ أشارت إلى بطنها المنتفخ أمامها وقالت: مثلي أنا المثقلة أضرب امرأة رشيقة أمامكم تركض كالغزال البري؟ بدأوا في التحقيق معها وقالوا لها: نحن هنا في كندا في بلد ديمقراطي ولا نعالج أمورنا بالضرب. ونريد منكم أيها الأجانب أن تتعلموا هذا الشيء في بلدنا وتلتزموا به. أخرجت لهم السيدة جواز سفرها الكندي .. سقط في أيديهم وبدأوا يحاولون ترتيق الرقعة واعتذروا لها فقد خرجت المرأة ديمقراطية مثلهم ومن بلد ديمقراطي تحمل نفس الجنسية. أقول هذا لأقارن احترام المرأة في كثير من المرافق العامة عندنا. وأنا شخصيا لم يوقفني شرطي رأى معي عائلتي احتراماً منهم للمرأة. وأنا لا أريد الكذب والمجاملة والنفاق في هذا الكلام فالكثيرون يمارسونه ولكن يجب أن نكتشف ما عندنا أيضا ونعرف أن هناك الكثير من الخير في ثقافتنا وأن هناك الكثير الكثير من النعم التي نسبح فيها وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار. وفي كل يوم يجب أن يفتح الإنسان عينيه فيحصي الخيرات الحسان الكثيرة التي ينعم بها الناس ولن يعدّها قط. والحمد لله على ما أنعم.