كان فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - محقاً في قوله بأن القبول بتأجيل الانتخابات مدة عامين نزولاً عند رغبة المعارضة “المشترك” كان خطأ، ولم يجانب الصواب مرة ثانية عندما أكد أن الانتخابات ستتم في موعدها القادم، بغض النظر عن نتيجة الحوار الجاري بين السلطة والمعارضة؛ لأن الشرعية الدستورية تقتضي ذلك وليست رهناً بأي حوار فالعكس هو الصحيح. وفي رأينا أن المسئولية الأكبر في نجاح أو فشل الحوار يقع على عاتق المعارضة لأسباب عدة منها على سبيل المثال ما يلي: إنها لم تفهم بعد ما معنى أن الحكم والمعارضة وجهان للنظام السياسي الواحد في أي بلد كان ولم تمارس دورها أو تتصرف وتضع برامجها وتحدد مواقفها في المشاركة بالانتخابات أو مقاطعتها على هذا الأساس. إنها تضع رؤاها لمعالجة الأوضاع والأزمات، وكأنها هي الوصي على البلاد وعلى الوحدة بهدف الوصول إلى السلطة بأية طريقة غير صناديق الاقتراع والوسائل الدستورية، وتدّعي بأنها تمثل المعارضة وتزعم في ذات الوقت بأن المؤتمر الشعبي ليس هو الحزب الحاكم وإنما حزب السلطة أو حزب الحاكم، وهذا يتناقض مع مفهوم الحكم والمعارضة كوجهين لنظام واحد. هذه وغيرها من الأسباب تقتضي من أحزاب المشترك إما أن تعالج أوضاعها الذاتية وتغير أفكارها وقناعاتها، وتعيد النظر في برامجها في ضوء معطيات الواقع القائم محلياً وإقليمياً ودولياً حتى تصير مؤهلة للقيام بدورها السياسي الفاعل والإيجابي بعيداً عن التنظيرات العشوائية ومحاولات الاصطياد في المياه العكرة، أو أن تقتنع بأنها لم تعد مؤهلة لمثل هذا الدور وتترك لغيرها القيام بذلك. ولا يخفى على أحد بأن رئيس الجمهورية صرّح في أكثر من خطاب أو مناسبة بأن من حق المعارضة أن تقرر المشاركة في الانتخابات أو أن تقاطعها كحق يكفله الدستور والقوانين، إلا أن التجارب أثبتت بأن أحزاب المعارضة عندما تشارك وتفشل لا تستفيد من أخطائها، وعندما تقاطع تفعل ذلك لمجرد المماحكة وليس على أساس دراسة وتحليل تبني عليه مواقفها المستقبلية. ولهذا وصلنا إلى طريق مسدود لا هي تريد قيام الانتخابات خوفاً من الفشل، ولا هي مقتنعة بالمقاطعة لقصور في رؤيتها المستقبلية. ونتيجة مباشرة لهذه الحالة ربما اعتقدت بأن أفضل خيار لها هو اللجوء إلى الحوارات وعقد الصفقات خارج الإطار الديمقراطي والشرعية الدستورية. والغريب أنها تتسبب في فشل أي حوار وتلقي بالتهم على السلطة التي لا يمكن أن تساوم على الثوابت الوطنية كالوحدة والدستور والديمقراطية. آن الأوان لتتخذ أحزاب المشترك قراراً باعتبار نفسها قوى معارضة وتمارس دورها على أساس ذلك قولاً وفعلاً، وبالتالي تقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل ما يعترضه من تحديات أو أن تفسح المجال لغيرها من القوى المعارضة لملء الفراغ. يكفينا دجلاً وعشوائية وفساداً فقد طفح الكيل وتجاوزت المعارضة في مواقفها وطروحاتها حدود الاحتمال والعقلانية، فلليمن الأرض والإنسان رب يحميها، والشعب كفيل بحماية وحدته وتجاوز أزماته في كل الظروف. والله على ما نقول شهيد.