ما أحوجنا للشمس ودفئها مع دخول برد كوانين وانتهاء الصِّراب (حصاد الأرض من الغِلَّة). عادة عندما كنا صغاراً مثل هذه الأيام الباردة ننتظر بحنان دفء الشمس، ونزول أضوائها من الجبال بعد شروقها إلى الوديان، وبمجرد ملامسة أضوائها الدافئة وأجسامنا المكرففة من البرد ننهض ونغني (أنشودة الشمس) فنمرح ونمارس ألعابنا المعتادة.. تذكرت شمس الصباح الدافئة أيام البرد، وأنا أقرأ موضوعاً علمياً للدكتور محمد شريف الإسكندري (أكاديمي من مصر وباحث في العلوم الحديثة عن مستقبل الطاقة)..في خمسينيات القرن الماضي لم نكن ندري عن عالم هذا الكوكب المتوهج المالئ للكون طاقته الهائلة، ففي موضوعه العلمي المنشور في العدد الجديد لمجلة العربي يقول:«على الرغم من الحداثة النسبية لتاريخ استخدام الإنسان فوتونات الموجات الكهرومغناطيسية القادمة من الشمس وتحويلها إلى طاقة كهربية فإن استغلال الأشعة الشمسية في تطبيقات أخرى يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد حين استخدم الإغريق العدسات الزجاجية المحدبة في تركيز تلك الأشعة وتجميعها على هدف ما بغرض إحراقه.. ففي القرن الثاني قبل الميلاد وظف العالم الإغريقي الشهير (أرخميدس) ظاهرة انعكاسات الأشعة الشمسية من على سطح الدروع البرونزية لجنود الجيوش المحاصرة لمدينة (سيراكوز) لتوجيهها صوب سفينة خشبية رومانية كانت تحاصر المدينة، فاشتعلت فيها النيران وغرق ما عليها من جنود..وفي مستقبل الشمس واستخدام طاقتها كان قد اخترع أحد العلماء السويسريين عام 1767م (الطاهي الشمسي)، والطاهي الشمسي عبارة عن صندوق بسيط يعلو سطحه لوح زجاجي يوضع أسفله إناء به الطعام المراد طهيه..كذلك منذ نحو 100 عام، توصل أحد الباحثين في فرنسا إلى طريقة لاستغلال البخار المتولد عن تسخين الماء بواسطة تجميع أشعة الشمس، وذلك في تشغيل المحركات البخارية..وقد أوحت فكرة تسخين الماء بواسطة تجميع الأشعة الشمسية إلى ابتكار وإنتاج الخلايا الشمسية، وذلك في عام 1936م عبر تاريخ الكون، فالشمس أكثر الكواكب المتوهجة ذِكراً بل وأعظم ذكراً في القرآن الكريم، قال تعالى: “والشمس وضحاها”، “والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم” ، “وإذا الشمس كوَّرت”.. وغيرها من الذكر الحسن في سور القرآن الكريم..وفي الآداب العالمية، وبالأخص في الأدب العربي، يأتي ذكر الشمس كثيراً مثل قول الشاعر: هذه الشمس أطلَّت مثل فص من عقيق..أما في صقيع شتاء أوروبا فالشمس تحتجب في أيام الضباب والثلوج، وعندما تظهر فجأة فالأفراح تعم المدائن والأرياف..وعن الاستثمار العالمي في مجال الطاقة النظيفة، يقول الدكتور الإسكندراني:”على الرغم من تدهور حالة الاقتصاد العالمي الذي أعقب الأزمة المالية العالمية في خريف عام 2008م فإن هذا لم يؤثر كثيراً في النمو المطرد والمتزايد في استخدام الطاقة البديلة والمتجددة، والتي حققت نسبة نمو غير متوقعة، تعد هي الأكبر إذا ما قورنت بمتوسط نسبة النمو في السنوات الخمس السابقة..أما عن مصطلح «الخلايا الفوتوفولطية» فإن هذا المصطلح الجديد لا نعرف معناه، إنما الدكتور محمد شريف يعرفه بالآتي: “إن الخلية الفوتوفولطية” ما هي إلا أجهزة أو وحدات تخول لنا تحويل طاقة الفوتون الضوئية القادمة إلى كوكبنا من الشمس إلى طاقة كهربية، وذلك بصورة مباشرة، ويتم توظيف الخلايا الشمسية في تحويل الفوتونات الضوئية إلى تيار كهربي مستمر، وهذا يعد أعظم استغلال مستقبلي من وهج الشمس. وهكذا فالشمس في علوم الكون المختلفة بحر يموج بعجائب الخلاق العليم.