تعد الطاقة الشمسية مصدراً طبيعياً متاحاً لنا في هذه الطبيعة الواسعة وذات جدوى للاستغلال في مجالات شتى. وبسبب إتاحتها لنا بشكل ميسر ومجدٍ يصبح استغلالها ضرورة مطلقة للإيفاء بمتطلبات الحياة ،وضرورة لرفد الاقتصاد الوطني وإرساء مبدأ التنمية المستدامة في الجمهورية اليمنية . ويعتبر أمن الطاقة ضرورة من ضرورات البقاء والتطور اللذين تظل تنشدهما المجتمعات الحديثة ،حيث يعتبر من أهم مفردات النمو والارتقاء الذي تتطلبه عجلة التنمية في أي بلد. وأمن الطاقة Energy Security " يشبه في شكله مصطلح الأمن الغذائي Food Security ،وهو يعني امتلاك مصادر طاقة كافية ورخيصة تعم جميع مجالات الاستخدام الحياتية ليس فقط للأحياء ونشاطهم الاقتصادي والاجتماعي بل كذلك للأجيال القادمة بما يضمن حياة معاصرة سعيدة وكريمة بدون تخوف من إنضاب هذا المصدر الطاقي . وفي توجهنا نحو استغلال الطاقة الشمسية كمرحلة من مراحل دخولنا طريق التنمية المستدامة التي ننشدها ،يمكن النظر إلى الطاقة الشمسية كأحد وأهم الظروف التي ستوفر لنا الأمن الطاقي ،كون الطاقة الشمسية ستوفر لنا تغطية لعجز الطاقة الحالي ورفداً في مصادر الطاقة في المناطق البعيدة والمعزولة عن أماكن التوليد الرئيسية والتي لم تصل إليها إمدادات الشبكة العامة . من هنا تتجلى أهمية توفير الطاقة لتحقيق التنمية المستدامة والتي يندرج فيها التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،حيث إنه لا يمكن لنا الحديث عن أي تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة دون الحديث عن الطاقة قبل كل شيء ،ولا معنى للتخطيط الاقتصادي إذا لم يرتكز على تخطيط طاقي. بل إننا يمكن أن نذهب أبعد من ذلك ونقول إن عدم توفر مصادر للطاقة كافية ورخيصة لا يعني توفر عمليات النمو فقط بل ربما التقهقر ،وربما الهلاك . ولكي تتضح الأمور بشكل أكبر لندرك ما مدى أهمية سعينا نحو إرساء أمن الطاقة من خلال استغلال تكنولوجيا الطاقة الشمسية ،يجب أن نعلم أن كل مجالات تطور المجتمع وتنميته وأمنه بمختلف أنواعه بما فيها أمن الغذاء - والذي يعتبر الركيزة الهامة والضرورية لعيش المجتمعات - تعتمد بشكل أساسي على أمن الطاقة ،حيث إن " وجود الطاقة هو الذي سيسمح بإنتاج الغذاء بالنسبة للبلدان الزراعية أو شرائه بالنسبة للبلدان التي لا تستطيع إنتاجه. وعليه فإن الأمن الطاقي الوطني يحتل جزءاً وحيزاً كبيرا من الهم الوطني العام باتجاه ضرورات الحاضر وحاجات المستقبل . وهذا الأمن الطاقي هو الذي سيقود السياسات الدولية التي تسعى إلى السيطرة على مصادر الطاقة في العالم ،وإن أمة بلا أمن طاقي هي أمة بلا أمن غذائي وبالتالي هي أمة بلا مستقبل وبالتالي قد تنعدم الحياة الكريمة التي ينشدها أي مجتمع. وتعتبر الطاقة الشمسية أكثر مصادر الطاقة تحقيقا لعنصر الأمن الطاقي ،كون تقنياتها ذات ارتباط مباشر ببيئة التطبيق وذلك من خلال تواجد مصدر الطاقة الشمسية ( الخلية الشمسية ،السخان الشمسي..) في نفس بيئة التطبيق ،وهذا ناشئ عن خاصية فريدة ومميزة في الطاقة الشمسية وهي لا مركزية التوليد Generation Centralization.. هذا الارتباط التام بين المستخدم والتطبيق الشمسي يحقق لنا عنصر الأمن الطاقي بنسبة 100% . إضافة إلى لامركزية التوليد في مصادر الطاقة الشمسية فهناك عنصر آخر مهم يخدم هذا الجانب ،وهو تعدد استخدامات الطاقة الشمسية وملامستها لكل المجالات بما فيها المجالات الصغيرة في خدمة الأسرة والمجتمع . فمن التدفئة وتسخين الماء وتكييف الهواء والطهي المنزلي ،وحتى تجفيف المحاصيل الزراعية ،والبرك الشمسية إلى غير ذلك الكثير والكثير.. كل هذا التنوع شكل ترجمة فعلية لمعنى أمن الطاقة على ضوء الطاقة الشمسية. إضافة لما سبق نستطيع أن نضيف ميزة هامة في الطاقة الشمسية وهي أنها لا تخضع لتغيرات وتقلبات أسعار الطاقة العالمية ولا تتأثر بها كالنفط وهذا ما يجعل المعدل الزمني للطاقة المنتجة من الطاقة الشمسية ذات مسار ثابت نسبيا في مواجهة الاتجاهات العالمية للطاقة . ولقد أدركت المجتمعات الحديثة ضرورة التوجه نحو توفير الأمن الطاقي وذلك في ظل ازدياد أزمة الطاقة الحالية ،من ارتفاع أسعار الوقود الاحفوري والذي تجاوز ال 100 دولار للبرميل إضافة إلى عدم وجود أي بادرة تحد من ازدياد معدل إنضاب مصادر الطاقة التقليدية. وبالتالي أدرك العالم الثالث ضرورة التوجه نحو إرساء أمن الطاقة ،وهذا الوضع الجديد يتطلب إجراءات خاصة عاجلة تهدف إلى ما يلي : 1- تطبيق سياسات الإبقاء على الطاقة .. 2- التحول الممنهج عن الاعتماد الكثيف على النفط والغاز. 3- تصعيد الدعم المالي لمنظمات ومؤسسات ومراكز البحث الوطنية والإقليمية والدولية ،في مجال التطوير والبحث عن مصادر جديدة ومتجددة للطاقة. وهنا أود أن أقول إن التوجه نحو الطاقة الشمسية أفضل عامل نحو توفير الأمن الطاقي والغذائي لأي بلد بحيث يكون هذا التوجه نحوها كطاقة مساندة وداعمة للمصادر الحالية للطاقة - بحيث تقلل من الضغوط على استخدامات المصادر التقليدية - لا كطاقة بديلة لأنه لا يمكن الاستغناء بتاتا عن مصادر الطاقة التقليدية كما أن وحدة المصدر لا تشكل عاملا ايجابيا في سياسة الطاقة بل إن تعدد المصادر هو الأفضل بما يقلل من الضغوط على المصادر التقليدية وبالتالي يزيد من المعدل الزمني أو العمر الزمني اللازم لإنضابها . وهو ما يجب أن يكون محل اعتبار ونظر في سياسات الإنماء الدولية وفي إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة Sustainable development [email protected]