في صيف عام 1991 م اجتمعت نخبة من أكبر الأدمغة الفيزيائية في العالم في مدينة بوتسدام ألمانيا الشرقية سابقا، لمناقشة قضية واحدة أخذت عنوان الموديل الكوني.. ومن الحاضرين كان الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكنج المصاب بشلل رباعي يتنقل على كرسي ويتكلم بكمبيوتر مربوط إلى حلقه. كان عدد الحضور 49 عالماً من أكثر من عشرين دولة من الجامعات العريقة.. وكان بين الباحثين ادوار ويتين من جامعة برينستون من أمريكا وهو القائل بنظرية الأوتار الفائقة. وهي نظرية أسهل منها الحديث عن الجن أو الضرب بالرمل والتنجيم. وطبيعة الكون منذ أيام اليوناني زينون وهرقليطس وكتابات ابن حزم عن الجزء الذي لا يتجزأ تشكل معضلة في تفكير الإنسان في محاولة فهم تركيب الكون..وإذا كنا رأينا الخلية تحت المجهر ثم حدقنا بالفيروس بالمجهر الإلكتروني فهي قدرة تكبير تصل حتى مائة ألف مرة، ولكن رؤية الذرة تعني أننا يجب أن نكبر الملمتر مليون مرة حتى نبصر تركيب الذرة. وهذا الكلام يخلع المفاصل عن إدراك المسافات. وبجهود لا تصدق استطاع العلماء وصف البناء السفلي لتركيب العالم الفيزيائي أنه مكون من ذرات. ووضع ديمتري مندلييف الجدول الدوري لتصنيف العناصر أوصلها إلى 92 عنصرا كل عنصر يأخذ صفات خاصة به ويأتي في رأس السلم اليورانيوم. ثم مضت الرحلة بالسؤال أين تنتهي رحلة البناء الذري؟ هل الكون مركب من وحدات أولية بسيطة أم أن الرحلة تمضي نحو أصغر من الذرة؟ فقد اكتشف شادويك النترون عام 1932 م وأشار بول ديراك إلى شيء عجيب عن الإلكترون الذي اكتشفه طومسون عام 1897م أن الإلكترون فيه معادلتان سلبية وإيجابية بمعنى أنه يوجد إلكترون سلبي الشحنة وآخر إيجابي الشحنة. وكان هذا الكلام مثل الجنون يومها، ولكن ثبت هذا الشيء وأخذ اسم البوزيترون وله تطبيقات في الطب؟ والآن نحن نعرف من معهد سيرن في سويسرا أنهم استطاعوا تركيب مضاد المادة في أجزاء من الملايين من الثانية وبلمح البصر لذرة مقلوبة الشحنة. وبعد معرفة تركيب الذرة أنها مكونة من بروتونات والكترونات تبين أن هناك أصغر من البروتونات هي الكواركز،ومنها تتركب جزيئات الذرة؟ ولكن الرحلة ماضية لم تنته بعد، وآخر ما خرج علينا الفيزيائيون هي أن هناك ما هو أصغر من الكواركز وهي الأوتار الفائقة فيكون من أحد عشر بعدا؟ هل يمكن أن تتصور خارج المكان والزمان أبعادا جديدة جرب إن استطعت إلى ذلك سبيلا؟ لايعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين؟ (سبأ) وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين؟ (يونس).