العليمي يناقش مع الرئيس المصري التطورات الراهنة في منطقتي البحر الأحمر وخليج عدن مميز    ظلام دامس يلف وادي حضرموت: خروج توربين بترومسيلة للصيانة    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    أسماء من العيار الثقيل.. استقطاب اللاعبين بالدوري السعودي ترفض طلبات للأندية للتوقيع مع لاعبين لهذا السبب!    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    طفل يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل قاعة الامتحانات.. لسبب غريب    الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب (فيديو)    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    رئيس الاتحاد العام للكونغ فو يؤكد ... واجب الشركات والمؤسسات الوطنية ضروري لدعم الشباب والرياضة    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توظيف الدين في السياسة
نشر في الجمهورية يوم 18 - 12 - 2010

وكأنه قد تحول إلى تقليد راسخ أن تستهل جماعات سياسية دعوة الناس إلى فعالياتها المختلفة بالآية الكريمة: “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”..
أغلب ظني أن من يستدل بهذه الآية فإنما يفعل ذلك بحسن نية، وهذا ما شجعني لأسدي واجب النصيحة لعل هذه الكلمات تلامس قلوباً حية، ولا خير في أقلام لا يسخرها أصحابها لتصحيح المفاهيم ونصح الأمة...يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يوصي أصحابه في الغزوات بالقول: “إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا” هذا الحديث الصحيح فيه فائدة عظيمة، وهي ألا ينسب الإنسان أفعاله إلى الله، ولكن ينسبها إلى نفسه، فلا يقل إن الله ورسوله يدعوكم، ولكن أنا الذي أدعوكم، فإذا أخطأ كان الخطأ على نفسه ولم يكذب على الله.
إن الله ورسوله لا يدعوان إلا إلى حق وخير، أما أنشطة الأحزاب فهي خليط من الحق والباطل والأهواء والتعصب.. ومن الخطورة الشديدة أن نقدم أنفسنا للناس وكأننا الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أو أن نجعل أنفسنا التطبيق النموذجي للإسلام، فهذا من الافتراء على الله “ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً”..خطورة الخلط بين التعصب الحزبي، وبين الدين هو أن تصير نظرتنا إليهما واحدةً فتصير الوسيلة غايةً قائمةً لذاتها، ونضع المقدس والمدنس، أو الإلهي والبشري في سلة واحدة، ونجعل كل ما هو حزبي من الدين بالضرورة، وكل نشاط من أنشطة الجماعة لوناً من ألوان العبادة، وإذا صارت هذه هي نظرتنا فليس مستغرباً أن تتحول المساجد إلى منابر لشيطنة الخصوم وبث الأحقاد والتعصب والفرقة والسب والشتيمة؛ لأن الانتماء للحزب في نظرنا آنذاك هو عين الانتماء للدين، ومعاداته معاداة للدين، فتصبح المآذن منبراً يذكر فيها اسم الحزب من دون الله ويدعى من خلالها إلى نشاطاته الخاصة، ويزعم أن الداعي هو الله ورسوله.
إن من شأن استعمال المساجد لإقامة الأنشطة ذات الطابع الحزبي الخالص أنه يعطي المبرر للآخرين لفعل الشيء ذاته، ولا يستقيم هنا أن نقول: إننا أولى بالمساجد من غيرنا، فالمساجد مؤسسات عامة وليست خاصةً بجماعة دون غيرها. ومهما كانت قناعاتنا الذاتية بصواب منهجنا فإننا لا نستطيع أن نفرض رؤيتنا على الناس وأن نجبرهم على التفكير بطريقتنا وأن نكون أوصياء عليهم..
والجماعة مهما كان ثقلها الاجتماعي فإنها تظل جزءًا من المجتمع وليس بديلاً عنه، وسيظل في المجتمع من يفكر بطريقة أخرى، فليس من حقنا أن نتصرف وكأننا وحدنا في الساحة أو أن نحلل لأنفسنا ما نحرمه على الآخرين..إن احتكار الدين خطير ومدمر؛ لأن الحزب مهما كان على درجة من الهوية الإسلامية فإنه يظل جهداً بشرياً ناقصاً، ولا يجوز أن يضفي عليه أصحابه قداسة الدين وكماله. وحين أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) أحد الصحابة إلى اليهود قال له: احكم لهم بحكمك وليس بحكم الله فإنك لا تدري هل تصيب حكم الله أو تخطئه..ربما يظن بادي الرأي أن حديثي هذا يصب في نفس اتجاه من يطالبون بفصل الدين عن السياسة ،وقصر المساجد على قضايا الأخلاق الفردية والأحكام الجزئية..
والفرق كبير، فأنا لا أدعو إلى فصل الدين عن السياسة، ولكنني أدعو إلى عدم إلباس الهوى الحزبي لباس الدين..والسياسة بمعناها الحقيقي الواسع هي رعاية شئون الناس من صميم دور المسجد، فالمساجد ليست لمناقشة تهذيب السلوك الفردي وحسب، ولكنها لرعاية مصالح الناس الجماعية، وكل دعوة إلى الخير والصلاح والعدل هي من وظيفة المساجد، حتى وإن سماها الناس سياسةً، فالإسلام لا يقر هذه التقسيمات التي ابتدعناها من عند أنفسنا بأن هذا دين وهذه سياسة، وبهذا المعنى فالإنسان ليس مخيراً للحديث في السياسة أو تركها، ولكنها فريضة إلهية بأن يصدع بكلمة الحق من على منبر المسجد فيقول للظالم: أنت ظالم وينهى عن الفساد والمنكر، وينتصر للمظلوم، ويأمر بالخير، بل ويدعو إلى الثورة والعصيان إن اقتضى الأمر، وهذا هو دور المسجد الحقيقي..المهم في كل هذا أن تكون الدعوة منطلقةً من الشعور العام بالمسئولية، وألا تكون بدافع العصبية الحزبية، وانتقائيةً، وألا يكون منبر المسجد مرتهناً لتوجيهات من أطراف سياسية، بل يتناول القضايا التي تهم الناس في مجموعهم، فينتقد الظلم من حيث كونه ظلماً ولو على حزبه..إذا كان متفهماً في سنين خلت أن تلجأ الجماعات الإسلامية إلى المساجد كمتنفس للتعبير عن أفكارها ومواقفها في ظل تضييق الحكومات وانعدام المنابر البديلة، فإن الواقع قد تغير اليوم، فهناك الفضائيات والمواقع الإلكترونية والصحف والمرافق العامة لإقامة الأنشطة، فلم يعد المبرر قائماً لإغراق المساجد بالبيانات والإعلانات والأعلام وصور الشهداء، واستعمال مكبراتها للدعوة إلى الأنشطة، وإقامة الاحتفالات الحزبية فيها.. وحتى لا يحرف الكلام عن مواضعه فإنني أعيد تأكيد القول بأنني لا أقصد تفريغ المساجد من الأنشطة الدعوية والاجتماعية والتثقيفية، فهذه ظاهرة إيجابية ينبغي تعزيزها، ولكن ما أقصده هو تلك الأنشطة ذات الطابع الحزبي الصرف، وهي التي من شأنها أن توغر صدور المخالفين وتعزز الفرقة، وقد جعلت المساجد لتوحيد المسلمين لا لتفريقهم... ما أجمل أن نعيد للمساجد سكينتها ووقارها، فيدخل المرء إلى بيت الله وهو متجرد من صخب الحياة وضجيجها، ويستشعر أن هناك فسحةً في الحياة للخشوع والمناجاة..
أرجو أن تصل كلماتي هذه إلى أولي الأمر، وقد علمت عنهم تفاعلاً إيجابياً في مرات سابقة، فيكون هناك قرار عملي بتحييد المساجد عن الأنشطة الحزبية، وأن نستثمرها لتوعية الناس وترشيدهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى نحقق قول الله عز وجل: “وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً”..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.