كان الشتاء قاسياً على البشر والشجر, ولم تسلم منه إلا شجرة القات, بفضل الحماية المستميتة من قبل المزارعين، وبكل الوسائل لمقاومة التيبس الذي يحدثه الصقيع الذي وصل إلى درجة التجمد في المناطق الجبلية التي أصبحت مراكز متقدمة لزراعته وتوزيعه وجذب الناس إليه من المدن القريبة والبعيدة.. ولكن الخضروات والفواكه يظهر فيها التدخل البشري بواسطة المبيدات؛ لغرض إنضاجها قبل أوانها وهي فوق الأشجار أو واقفة أو تحت التربة كالبطاطس والجزر، فنطعمه ونشمه ونراه بأعيننا بعدة ألوان في خارج الثمرة أو في جوفها، ومن الألوان نستطيع معرفة المناطق الحلوة والمرة والحامضة التي تشكلها المبيدات وأكثر وضوحاً في العنبة التي نسميها عنب الشام والمانجو التي نسميها أيضاً عنب العظام.. وفي الأسابيع الأخيرة من فصل الشتاء رأينا من الأنواع والألوان والأحجام لكل ثمرة من الخضروات والفواكه ما يثير المخاوف على السلالات الأصلية للبذور المحلية ليس في الخضروات والفواكه بل في الحبوب بأنواعها، فلم نستطع تناول السلطة مثلاً المكونة من الطماطم والبصل والخيار والبيبار والبقدونس لغلبة الكيماويات أو المبيدات عليها، وكأنها معجونة بها.. ومع الكر والفر بين المبيدات وما يسمى بالزراعة، وزارة ومكاتب وهيئات تنمية ومراكز بحوث زراعية كانت المبيدات هي الغالبة وبتفوق، ليس بفضل المهربين خارج وداخل الأسواق الشعبية والشوارع الفرعية بالمدن، وإنما بالدفاع المستميت عنها من قبل المزارعين لهذه الأنواع وللقات أينما وجد وأينما سيوجد وهي عملية لا مفر منها أي عملية التوسع في زراعة القات وبقاء مزارع الخضروات والفواكه محصورة في مساحاتها.. فقد ظهرت ثمرة أو فاكهة العنبة من المانجو الفجة في الأسواق، ونحن في أواخر شهر يناير الذي كان البرد فيه لا يقاوم إلا بارتداء أكثر من قطعة من الملابس التحتية الصوفية وبطانيتين, أما في ذمار فقد وقعت مأساة لأسرة مكونة من الأب والأم وابنيهما تمثلت بموتهم بسبب عادم الدراجة الجديدة، التي أراد الأب تسليكها داخل البيت في الليل فاختنقوا وماتوا وعثر عليهم وهم تحت البطانيات واليورقانات السميكة.. إن غاية مايسعى إليه المزارعون هو إنتاج المحاصيل بأية وسيلة سامة, وبيع إنتاجهم دون خوف على حياة وصحة المستهلكين, في ظل الفشل وغياب الجهات المعنية من أعلى سلم المسئولية والاختصاص إلى أدناها ولا ندري إلى متى سنبقى دون راعٍ؟