من ثمار الجنة.. لازم أوصافها في القرآن الكريم.. «الكواعب الأتراب» كما كان هدية الله إلى رسوله بعد معاناة الطائف السابقة للإسراء والمعراج تلك المعجزة المشمولة ب «جنات من نخيل وأعناب»..إذا رأيته حسبته «عقيق أو عقد مرجان» وإن تذوقته استصغرت ملذات الحياة وترنمت «ما حلالي من الدنيا سوى كرم همدان».. حتى إن مللت الزمن جعلت مواعيده أعناباً في أعناب.. رقم مُهم العنب في طريقه إلى الأسواق اليمنية ليحتل مكان الصدارة متربعاً على الفواكه الأخرى.. بأصنافه المختلفة من حيث الحجم والشكل واللون، تنتجه المزارع اليمنية..ويعد الأجود عالمياً من حيث مذاقه النادر والفريد، كما يمثل رقماً مهماً في اقتصاديات الريف، وغالباً ما تبدأ تلك المزارع في إنتاج نوعين مشهورين هما «الجبري والعرقي» اللذان تنتجهما مزارع حاشد وأرحب بمحافظة صنعاء، ثم تأتي بقية الأنواع تباعاً من كل مزارع المحافظة والمحافظات الأخرى التي يستمر إنتاجها حتى نهاية أكتوبر «تشرين أول» من كل عام، وقد يمتد إنتاج العنب إلى نوفمبر «تشرين ثاني» في حال كان المناخ معتدلاً، إذ تعد برودة الطقس كارثة بالنسبة لمزارعي العنب عند هبوطها عن المعدل المعتاد. أصناف مختلفة تنقسم الأعناب الأكثر شهرة وشيوعاً في اليمن إلى ثلاث فئات بحسب اللون وهي العسلي اللون والأبيض والأحمر ثم الأسود، وتندرج تحت كل فئة من الفئات الثلاث أنواع متعددة وتتفرع الأنواع إلى أصناف مختلفة.. يقول عبد الله لطف الماوري، وهو مهندس زراعي بوزارة الزراعة: إن التميز بين تلك الأصناف يخضع لمعايير وخصائص أهمها: حجم وشكل العنقود بالإضافة إلى حجم وشكل حبات العنب، ومن الأنواع المرغوبة لدى اليمنيين ما يعرف ب «العسلي» والذي ينقسم إلى عدة أصناف منها: بياض قوارير رازقي وعرقي، أما النوع الثاني وهو اللون الأحمر فإنه ينقسم إلى زيتون عاصمي «ذكر وأنثى»، أما النوع الأخير الأسود فمنه أسود مكور وأسود مدبب «بيضاوي». عاصمة العنب وبما أن محافظة صنعاء تحتل نسبة 80% من إجمالي إنتاج العنب اليمني فإن مكتب الزراعة والري حسب مُسئولين فيه يولي أهمية خاصة لتطوير إنتاجية العنب باعتباره المحصول الاقتصادي الأول في المحافظة وذلك من خلال إرشاد المزارعين وتعريفهم بالطرق العلمية والمثلى لتحسين نوعيته وإنتاجيته ومساعدتهم في عملية التسويق خاصة إلى الأسواق الخارجية.. كما لدى المكتب تعاون فعال وإيجابي مع الجمعيات التعاونية الزراعية في الجوانب الإنتاجية والتسويقية،فهو يحرص كثيراً على تطبيق الطرق الحديثة في تصديره بالمواصفات العالية سواء من حيث التعبئة والتغليف أم التبريد والنقل. وما يميز العنب المنتج بمحافظة صنعاء هو عدم استخدام المزارعين للمبيدات الكيماوية؛ إذ يستخدمون عوضاً عنها الأتربة أي الطريقة المعروفة بالتعفير وهو مايجعلها ذات قيمة غذائية كبيرة ومطلوبة لدى المستهلك. المركز الأول وبحسب نتائج الإحصاءات الزراعية للسنوات الخمس الأخيرة فإن زراعة العنب تحتل المركز الأول بين مختلف أصناف الفاكهة في اليمن، حيث يبلغ المتوسط الإجمالي للمساحة المزروعة ب«32» ألف هكتار أي مايوازي «53%» من إجمالي المتوسط وتنتج مايزيد عن «361» ألف طن سنوياً. وطبقاً لبيانات صادرة عن وزارة الزراعة والري فإن كمية إنتاج اليمن من محصول العنب في ارتفاع من عام لآخر وأرقام تلك الاحصاءات تثبت ذلك خاصة في الأعوام الأخيرة. كما ذكرت ذات الاحصائيات أن السعودية تستهلك سنوياً 2000م طن من العنب اليمني، إضافة إلى كميات هائلة من الزبيب أغلبها كهدايا يقدمها المسافرون اليمنيون لأقاربهم وأصدقائهم في أرض الاغتراب مع كميات أقل منها تخرج للتجارة. القات عدو للعنب أيضاً وفي ظل تنامي زراعة القات العدو اللدود للعنب يبقى الصراع بينهما صراعاً على البقاء ومعظم الدراسات والمسوحات الميدانية تؤكد أن شجرة القات أصبحت تسيطر في زراعتها على جزء كبير من مساحة الأراضي الزراعية. كمثال لذلك الصراع نأخذ مديرية «أرحب» من محافظة صنعاء التي تعد من أشهر المناطق الغنية بزراعة القات كما تعد واحدة ضمن قائمة تشتهر بزراعة العنب، ومع استمرارية الصراع تشير النتائج إلى أن الغلبة هناك لأشجار القات حيث تشهد زراعته توسعاً لافتاً، بل إنها أخذت منحى يجعلها تقضي على ما تبقى من شتلات وغرائس العنب بمختلف أنواعه، وباتت أشجار العنب على «شفى جرف هار» من الانقراض بعد أن أسقطته شجرة القات من مرتبته الأولى التي كان يحتلها بزراعته على ما يقارب ال 80% من مساحة الأراضي الزراعية في أرحب.. زحف عمراني من جهته كشف المهندس حميد ناجي البشاري مدير إدارة البستنة في وزارة الزراعة عن مشكلة أخرى تتمثل في تراجع ملحوظ في مساحة وإنتاج العنب وذلك بسبب تزايد الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، إضافة إلى تنامي الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة. ودلل البشاري على ذلك بمنطقتي«الروضة» و«بني حشيش» من محافظة صنعاء مما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج والمساحة حيث تراجع إلى 1،38 ألف طن في عام 2005 من 7،031 ألف طن في عام 2001، كما تراجعت المساحة المزروعة إلى 6،9 ألف هكتار من 4،81 ألف هكتار في عام 2001م، وهو الحال في مدينة صعدة ثاني منتج لأفضل أصناف العنب.. حشرة المن ومن المخاطر التي تهدد ثمار العنب مؤخراً«حشرة المن» وقد ظهرت لأول مرة بمزارع بني حشيش، كما زادت مخاوف المزارعين من أضرارها وتأثيرها على تدني مستويات إنتاج العنب خلال العام الجاري.. من جهته قلل المهندس محمد سيف العثماني رئيس قسم الأمراض بالإدارة العامة لوقاية النبات التابعة لوزارة الزراعة والري من خطر تلك الحشرة التي تتركز على أطراف وفروع أشجار العنب نتيجة لضعفها وإمكانية مكافحتها بمبيد حشري.. وأضاف العثماني: إن ظهور الحشرة لا يشكل قلقاً لدى المتخصصين بوقاية النبات فهي تموت بمجرد هطول الأمطار، ولكنها تنتشر في حالة الجفاف حيث يعد الجفاف ودرجة الحرارة أبرز عوامل نمو الحشرة وتكاثرها.. مكافحة مستمرة وكشف العثماني أن الأبحاث والتجارب التي قام بها متخصصون في مجال وقاية النبات تمكنت من استخلاص طفيليات ومفترسات تستخدم لمكافحة حشرتي«البق والبياض الدقيقي» اللتين تصيبان شجرة العنب وثمارها، مشيراً إلى أن إستراتيجية وقاية النبات تتضمن البحث عن وسائل مكافحة للآفات الزراعية باستخدام أساليب مكافحة زراعية صحيحة كتقشير أشجار العنب وجمع مخلفاتها وحرقها ومفترسات لمكافحة الآفة بما يقلل من خطر استخدام المبيدات الكيميائية وتأثيرها على البيئة.. موسم خصب من منتصف يونيو "حزيران" إلى نوفمبر "تشرين ثاني" هي الفترة الزمنية لموسم إنتاج العنب في اليمن، بداية بالأصناف المبكرة مثل البياض والجبري التي تستمر حتى نهاية اغسطس “آب” وطبعاً الجزء الأكبر منها يصنع زبيباً. أما الرازقي في الفترة من نهاية يوليو وحتى أغسطس، ويتوزع إنتاج الأسود والعاصمي خلال الفترة من منتصف أغسطس وحتى نوفمبر، ويحول المزارعون أصناف العنب التي تخلو من البذور مثل العنب الرازقي الأسود، بينما العنب العاصمي يسوق طازجاً؛ لأنه لا يصلح لصناعة الزبيب. موضوع آخر على ذكر الزبيب فإن أنواعه في اليمن تصل إلى نحو 41 نوعاً، جميعها تكتسب شهرة عالمية لمذاقه الرائع ولكونه لا يزال محافظاً على طرق حفظه التقليدية، حيث لا تدخل عليه المؤثرات الزراعية «المواد الحافظة» كما هو الحال مع معظم الزبيب الأجنبي المستورد، أما بالنسبة للأعناب قليلة الجودة فيستعمل في إنتاج الخل منزلياً. هذا ويعتبر العنب من الفواكه ذات القيمة الغذائية والعلاجية الجيدة، حيث يسهم في خفض ضغط الدم وتحتوي قشرة العنب على نسبة كبيرة من «فيتامين ب» ويساعد على خفض الحموضة، حيث يحوي أكثر من 3،4 بالمائة من الألياف.