تشهد أسواق الفواكه والخضروات في اليمن هذه الأيام تدفق كميات كبيرة من ثمار العنب ويمتاز الموسم الحالي بإنتاج وفير من فاكهة العنب في مؤشرٍ إيجابي اعتبره البعض نجاحاً لجهود وزارة الزراعة والري في التوسع في زراعة المحاصيل الغذائية المختلفة. وتحظى ثمار العنب حالياً بإقبال واسع من قبل المستهلكين الذين يحرصون على شرائها وتناولها والاستفادة من فوائدها الغذائية والصحية، ويتجه هذا الإقبال نحو الزيادة في أيام شهر رمضان المبارك ليضاف إلى طبق مائدة الإفطار أو العشاء، كأحد العناصر المساهمة في تعويض الصائم بالغذاء اللازم لبناء الجسم. وأصبح العنب يحتل مرتبة متقدمة بين المحاصيل الزراعية النقدية والاقتصادية باعتباره من المحاصيل المدرة للدخل وله قيمة غذائية وغني بالفيتامينات، فضلا عن مزايا زراعته المتمثلة في احتياجه المحدود للمياه مقارنة بكميات المياه المهدرة في زراعة القات، كما أن تكاليف إنتاجه قليلة. زراعة وإنتاجية العنب وتنتشر زراعة العنب في العديد من المحافظات وتتركز زراعته في الغالب في المناطق ذات الطقس البارد والمعتدل، وتعد مناطق بني حشيش، خولان، سنحان، بني الحارث، أرحب، همدان ووادي ظهر بمحافظة صنعاء من أخصب المناطق التي تشتهر بزراعة أكثر من 20 نوعاً تقريباً من العنب. كما يزرع هذا المحصول في بعض مناطق محافظة صعدة، وكذلك في نواحي متفرقة في كل من محافظتي الجوف والبيضاء. وتمتاز مناطق زراعة العنب في اليمن بزراعة أنواع وأصناف عديدة من هذا المحصول منها الرازقي، الجبري، العاصمي، الحاتمي، الأسود، الزيتوني، الأحمر، العرقي، الجوفي، البياض العادي، بياض فشان،الحسيني، أسود عذاري وغيرها. وتشير بيانات الإحصاء الزراعي إلى أن إنتاجية اليمن من ثمار فاكهة العنب ارتفعت من 107 آلاف و735 طنا عام 2005 إلى 127 ألفا و132 طناً العام الماضي، فيما ارتفعت مساحة الأراضي المزروعة بالمحصول من 12 ألفا و426 هكتارا إلى 13 ألفا و178 هكتاراً خلال نفس الفترة.ويبدأ عادة موسم إنتاج العنب في اليمن منذ منتصف يونيو ويستمر حتى شهر نوفمبر من كل عام. عوامل تشجيعية ويُرجع مدير إدارة البستنة بوزارة الزراعة والري المهندس حميد البشاري، الارتفاع الملحوظ في الإنتاجية والمساحة المزروعة بالعنب إلى عوامل تتعلق بجهود وزارة الزراعة والري وتشجيعها لمزارعي العنب من خلال إجراء المكافحة المتكاملة للآفات التي تصيب المحصول وتنفيذ حملات مكافحة مجاناً. منوهاً بدور الإرشاد الزراعي في توعية المزارعين بأهمية إتباع العمليات الزراعية الحديثة والطرق المثلى في زراعة المحصول والهادفة إلى تحقيق إنتاجية وفيرة وثمار ذات جودة مرتفعة بما يسهم في تحسين دخل المزارع وتحقيق أرباح اقتصادية مجزية. واعتبر البشاري أن تدخلات جمعيات مزارعي العنب في بني حشيش وخولان بمحافظة صنعاء والمتمثلة في توفير آلات تجفيف العنب بطريقة حديثة وبتكاليف قليلة تقلل من كمية الفاقد وبالتالي تمكين المزارعين من الاستفادة من عائدات المحصول، أحد أهم العوامل التي دفعت بالمزارعين نحو التوسع في زراعة العنب والاستفادة من عائداته كثمار وزبيب يمكن تصديره، فضلا عن إجراء التسويق الذي تتولاه الجمعية إلى جانب الخدمات الإرشادية للتعامل مع زراعة المحصول. لافتا إلى أن الوزارة وعن طريق الاتحاد التعاوني الزراعي والتعاون مع المؤسسة الاقتصادية اليمنية عملت على توفير مخازن تبريد لثمار العنب، وتسعى إلى البحث عن منافذ تسويقية في العديد من الدول كالسعودية والأردن. وأرجع حميد البشاري جودة العنب اليمني وشهرته في الأسواق المحلية والخارجية إلى مواصفات تتعلق بأن ثمار العنب خالية من المبيدات وفي معظم مناطق زراعة العنب يستخدمون التتريب بالرمال كطريقة لمكافحة الآفات النباتية التي تصيب أشجار وثمار العنب، وفي هذا الجانب وفرت وزارة الزراعة والري آلات ( التعفير) وهي آلة تعمل على نفخ التراب على أشجار العنب بهدف تجفيف الأغصان والثمار من الرطوبة التي تعد بيئة مناسبة لتكاثر حشرة البياض الدقيقي أو البياض الزغبي (الذحلة). الجني المبكر يؤثر على الشجرة ويشير مدير عام الإرشاد والتدريب الزراعي بوزارة الزراعة والري الدكتور منصور العاقل إلى أهمية الإرشاد الزراعي ودوره في توعية المزارعين بالطرق العلمية والمثلى لتحسين نوعية وإنتاجية المحصول، وكذا إرشادهم بالطرق الصحيحة لاستخدام المبيدات والأسمدة بما من شأنه تطوير إنتاجية وجودة العنب، داعياً المزارعين بعدم قطف الثمار قبل نضوجها. واعتبر أن الجني المبكر للثمرة قبل النضج يؤثر على الشجرة من حيث الإنتاجية والجودة .. محذرا من خطر الاستخدام المفرط والعشوائي للمبيدات والأسمدة الكيماوية في زراعة المحصول. معوقات تسويقية ويشير خبراء زراعيون إلى أن إنتاج وتسويق محصول العنب في اليمن يعاني العديد من المشاكل أهمها غياب الأسواق التجميعية في بعض مناطق انتاج العنب، وضعف الاستثمار في مجال تسويق العنب محلياً وخارجياً، إضافة إلى عدم وجود أسواق مركزية مجهزة وملائمة لخزن محصول العنب وضعف مراكز إعداد الصادرات. ويعتبر هؤلاء أن غياب المعلومات التسويقية ومتطلبات التسويق الخارجي وزيادة الهوامش التسويقية الناتجة عن زيادة عدد الوسطاء في بعض الأسواق، وكذا ضعف النشاط التعاوني في تسويق الأعناب، أبرز المعوقات التي تواجه إنتاجية وتسويق هذا المحصول الاقتصادي الهام. منوهين بأهمية تشجيع الاستثمارات في الصناعات الغذائية والعصائر، إلى جانب توفير شبكات ري حديثة والتوعية بأهمية اتباع تقنية الري الحديثة التي أثبتت جدوى نجاحها في تحقيق إنتاجية وفيرة وجودة عالية للمحصول، فضلا عن تحقيق وفورات مادية في الديزل والأيدي العاملة. وتطرقوا إلى أهمية تفعيل دور البحوث الزراعية لدراسة أصناف العنب وتطوير إنتاجها ودعم المزارعين بوسائل وأدوات إعداد وتجفيف العنب.