تشهد أسواق الفواكه والخضروات في اليمن هذه الأيام تدفق كميات كبيرة من ثمار العنب ويمتاز الموسم الحالي بإنتاج وفير من فاكهة العنب في مؤشرٍ إيجابي إعتبره البعض نجاحاً لجهود وزارة الزراعة والري في التوسع في زراعة المحاصيل الغذائية المختلفة . وتحظى ثمار العنب حالياً بإقبال واسع من قبل المستهلكين الذين يحرصون على شرائها وتناولها والإستفادة من فوائدها الغذائية والصحية، ويتجه هذا الإقبال نحو الزيادة في أيام شهر رمضان المبارك ليضاف الى طبق مائدة الإفطار أو العشاء، كأحد العناصر المساهمة في تعويض الصائم بالغذاء اللازم لبناء الجسم . وأصبح العنب يحتل مرتبة متقدمة بين المحاصيل الزراعية النقدية والإقتصادية بإعتباره من المحاصيل المدرة للدخل وله قيمة غذائية وغني بالفيتامينات، فضلا عن مزايا زراعته المتمثلة في احتياجه المحدود للمياه مقارنة بكميات المياه المهدرة في زراعة القات، كما ان تكاليف إنتاجه قليلة. ويصنف العنب اليمني بكونه الأجود على مستوى العالم ويكتسب شهرته من تنوع أصنافه وألوانه وأشكاله والتي تنتجها مزارع كثيرة منتشرة في العديد من المحافظات خاصة صنعاء التي تصدر سنويا نحو 80 بالمائة من الإنتاج العام للأعناب في اليمن، فضلا عن مذاقة الخاص والنادر عالميا. زراعة وانتاجية العنب وتنتشر زراعة العنب في العديد من المحافظات وتتركز زراعته في الغالب في المناطق ذات الطقس البارد والمعتدل، وتعد مناطق بني حشيش، خولان، سنحان، بني الحارث، أرحب، همدان ووادي ظهر بمحافظة صنعاء من أخصب المناطق التى تشتهر بزراعة أكثر من 20 نوعاً تقريباً من العنب . كما يزرع هذا المحصول في بعض مناطق محافظة صعدة، وكذلك في نواحي متفرقة في كل من محافظتي الجوف والبيضاء . وتمتاز مناطق زراعة العنب في اليمن بزراعة أنواع وأصناف عديدة من هذا المحصول منها الرازقي، الجبري، العاصمي، الحاتمي، الأسود، الزيتوني، الأحمر، العرقي، الجوفي، البياض العادي، بياض فشان،الحسيني، أسود عذاري وغيرها . وتشير بيانات الإحصاء الزراعي - حصلت وكالة الأنباء اليمنية /سبأ/ على نسخة منها _ الى أن انتاجية اليمن من ثمار فاكهة العنب إرتفعت من 107 آلاف و735 طنا عام 2005 م الى 127 ألفاً و132 طناً العام الماضي، فيما إرتفعت مساحة الأراضي المزروعة بالمحصول من 12 ألفاً و426 هكتارا الى 13 ألفاً و178 هكتاراً خلال نفس الفترة.. ويبدأ عادة موسم انتاج العنب في اليمن منذ منتصف يونيو ويستمر حتى شهر نوفمبر من كل عام عوامل تشجيعية ويُرجع مدير ادارة البستنة بوزارة الزراعة والري المهندس حميد البشاري الإرتفاع الملحوظ في الإنتاجية والمساحة المزروعة بالعنب الى عوامل تتعلق بجهود وزارة الزراعة والري وتشجيعها لمزارعي العنب من خلال اجراء المكافحة المتكاملة للآفات التي تصيب المحصول وتنفيذ حملات مكافحة مجاناً . منوهاً بدور الأرشاد الزراعي في توعية المزارعين بأهمية إتباع العمليات الزراعية الحديثة والطرق المثلى في زراعة المحصول والهادفة الى تحقيق انتاجية وفيرة وثمار ذات جودة مرتفعة بما يسهم في تحسين دخل المزراع وتحقيق أرباح إقتصادية مجزية . واعتبر البشاري أن تدخلات جمعيات مزارعي العنب في بني حشيش وخولان بمحافظة صنعاء والمتمثلة في توفير آلات تجفيف العنب بطريقة حديثة وبتكاليف قليلة تقلل من كمية الفاقد وبالتالي تمكين المزارعين من الإستفادة من عائدات المحصول،أحد أهم العوامل التى دفعت بالمزارعين نحو التوسع في زراعة العنب والإستفادة من عائداته كثمار وزبيب يمكن تصديره، فضلا عن إجراء التسويق الذي تتولاهالجمعية الى جانب الخدمات الارشادية للتعامل مع زراعة المحصول . لافتا الى أن الوزارة وعن طريق الإتحاد التعاوني الزراعي والتعاون مع المؤسسةالإقتصادية اليمنية عملت على توفير مخازن تبريد لثمار العنب، وتسعى الى البحث عن منافذ تسويقية في العديد من الدول كالسعودية والأردن . وأرجع حميد البشاري جودة العنب اليمني وشهرته في الأسواق المحلية والخارجية الى مواصفات تتعلق بأن ثمار العنب خالية من المبيدات وفي معظم مناطق زراعة العنب يستخدمون التتريب بالرمال كطريقة لمكافحة الآفات النباتية التى تصيب أشجار وثمار العنب، وفي هذا الجانب وفرت وزارة الزراعة والري آلات ( التعفير) وهي آلة تعمل على نفخ التراب على أشجار العنب بهدف تجفيف الأغصان والثمار من الرطوبة التى تعد بيئة مناسبة لتكاثر حشرة البياض الدقيقي أو البياض الزغبي (الذحلة) . وبين البشاري أن العنب يعد محصولا يحقق مردوداً إقتصادياً عالياً واتساع رقعة زراعته ستحد من زراعة القات الذي يستنزف كميات كبيرة من المياه على حساب ري المحاصيل الغذائية المختلفة الهامة واللازمة للأمن الغذائي. الجني المبكر يؤثر على الشجرة ويشير مدير عام الإرشاد والتدريب الزراعي بوزارة الزراعة والري الدكتور منصور العاقل الى أهمية الإرشاد الزراعي ودوره في توعية المزارعين بالطرق العلمية والمثلى لتحسين نوعية وانتاجية المحصول وكذا ارشادهم بالطرق الصحيحةلاستخدام المبيدات والأسمدة بما من شأنه تطوير انتاجية وجودة العنب .. داعياً المزارعين بعدم قطف الثمار قبل نضوجها .. معتبرا ان الجني المبكر للثمرة قبل النضج يؤثر على الشجرة من حيث الانتاجية والجودة .. محذرا من خطر الإستخدام المفرط والعشوائي للمبيدات والأسمدة الكيماوية في زراعة المحصول . ولفت الدكتور العاقل الى أهمية إتباع طريقة التتريب على ثمار العنب للحفاظ على بنية الشجرة وجودة ثمارها وهي احدى الطرق التى كانت تستخدم قديماً في زراعة العنب وإنضاج ثماره . فوائد العنب ويعتبر العنب من الفواكه ذات قيمة غذائية وعلاجية جيدة تسهم في خفض ضغط الدم، وتحتوي قشرة العنب على نسبة كبيرة من ( فيتامين ب)، وتساعد على خفض الحموضة حيث تحوي الثمرة الواحد أكثر من 3ر4 بالمائة من الألياف. ويجفف العنب بواسطة الشمس أو المجففات الشمسية الحديثة للحصول على مادة الزبيب، ويمتاز الزبيب البلدي بمذاق فريد ونكهة خاصة يمكن تمييزه عن غيره من أنواع الزبيب الخارجي التي تتواجد في الأسواق المحلية . ويحرص معظم اليمنيين على إقتناء الزبيب وتناوله خاصة في فصل الشتاء البارد لتزويد الجسم بطاقة حرارية تساعده في تحمل البرد . معوقات تسويقية ويشير خبراء زراعييون الى أن إنتاج وتسويق محصول العنب في اليمن يعاني العديد من المشاكل أهمها غياب الأسواق التجميعية في بعض مناطق انتاج العنب، وضعف الاستثمار في مجال تسويق العنب محلياً وخارجياً، اضافة الى عدم وجود أسواق مركزية مجهزة وملائمة لخزن محصول العنب وضعف مراكز إعداد الصادرات . ويعتبر هؤلاء أن غياب المعلومات التسويقية ومتطلبات التسويق الخارجي وزيادة الهوامش التسويقية الناتجة عن زيادة عدد الوسطاء في بعض الأسواق وكذا ضعف النشاط التعاوني في تسويق الأعناب، أبرز المعوقات التى تواجه انتاجية وتسويق هذا المحصول الإقتصادي الهام. منوهين بأهمية تشجيع الإستثمارات في الصناعات الغذائية والعصائر، الى جانب توفير شبكات ري حديثة والتوعية بأهمية اتباع تقنية الري الحديثة التى أثبتت جدوى نجاحها في تحقيق انتاجية وفيرة وجودة عالية للمحصول، فضلا عن تحقيق وفورات مادية في الديزل والأيدي العاملة . وتطرقوا الى أهمية تفعيل دور البحوث الزراعية لدراسة أصناف العنب وتطوير إنتاجها ودعم المزارعين بوسائل وأدوات إعداد وتجفيف العنب .