تزايدت في الفترة الأخيرة ظاهرة تتنافى مع قيم ومبادىء الإسلام، ومع كل القيم الإنسانية والأخلاقية ..وهذه الظاهرة التي أذهلت كل من يعلم بها أو أصيب بها هي قتل ذوي القربى ومن ضمن ذوي القربى ..الأم ..الأب ..الأخ ..الأخت ..العم ...الخال..وهو ما يتناقض مع طبيعة هذا الكائن الإنساني الذي يميل إلى المحبة والعطف والحنان والرحمة على ذوي القربى قبل الأباعد. ولعل ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى الجيل الجديد من الشباب من أهم أسباب تزايد هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية بل أكاد أجزم أن مرتكبي هذه الجرائم ينعدم لديهم الوازع الديني والأخلاقي والإنساني لأن من لديه ضعف يبقى فيه شيء من الدين ..ينير له سوء ما يفعل.. وأيضاً يبقى في قلبه شيئ من العاطفة من حب.. وعطف..ورحمة بهذا الأخ..أو الأخت..أو الأب...أو الأم ويرى مدى بشاعة مثل هذه الجرائم المنافية لكل الشرائع والأديان السماوية. لقد حارب الإسلام كل أشكال الجريمة والإفساد في الأرض .وحرم قتل النفس ..مهما كانت ديانتها مادامت هذه النفس لا توجه البندقية إلينا..فدفاعاً عن أنفسنا نضطر إلى قتل العدو ..فما بالك عندما يقتل البعض النفس المؤمنة ..المطمئنة إليه ..!.. كيف عندما تأتي طعنة خنجر أو رصاصة تخترق القلب والجسد من يدٍ طالما أعطيتها الحب وصافحتها بمودة..وقبلتها بحنان. بين الفينة والأخرى نسمع أن شخصاً ما قد قام بقتل أحد أقاربه والسبب عندما نعرف القصة نجده تافهاً ..ولكن عوامل أخرى خاصة بالمجرم جعلته ضحية الجهل وضحية الكراهية..وإحدى وسائل الشيطان في الإفساد في الأرض..ونشر الأحزان..من يتجرأ على قتل أُمه وهي التي حملته في بطنها وهناً على وهن..من تأتيه الجرأة ليقتل من أغرقته بالحب والحنان والعطف والرحمة لأي سبب كان، لقد كانت تخاف عليه وتسهر بجانبه الليالي تحرم نفسه من النعم..حتى تكون لولدها وفلذة كبدها.. في إحدى المرات قام أحد المتدثرين بالتدين والصلاح..في جبل صبر بقتل والدته بعد أن حاول منعها من نزول المدينة لبيع الخضروات حتى تنفق عليه وعلى بقية أفراد الأسرة ولكن دخول هذا الشاب في أفكار الغلو والتطرف والتحريم لكل شيء جعله يقتل أمه ظلماً وعدواناً ..ونسي أو تناسى قول الله سبحانه وتعالى «وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً». لقد أمر القرآن المسلم بالإحسان للأم والأب حتى إذا كانا غير مؤمنين..مع عدم طاعتهما في الكفر وان يصاحبهما في الدنيا معروفاً..وان هذا هو سبيل من أراد الآخرة أي الجنة.. وهذا آخر يتجرأ فيرفع يده بالسلاح على قلب أخيه.. روحه الأخرى ليفتك بها ..وكم سمعنا مثل ذلك والسبب ميراث أو أموال ملعونة أتت بالخراب والدمار له ولأسرته والقرآن يقول «أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه» عن هذا التمثيل القرآني لمن يذكر أخاه في الدم أو الدين بسوء..يتكلم عنه بالباطل وهو غائب.. مثّل ذلك القرآن بمن يأكل لحم أخيه ميتاً ..وهذا يقتل والده ..الذي كدّ وتعب من أجل أن يوفر لقمة العيش لأسرته ..وكان كل أمله في الحياة الولد الصالح ..فإذا هذا الولد يزهق روح هذا الأب، ويحدث أيضاً قتل العم، وأبناء العم وكثيراً ما يكون من أسباب ذلك صراع المواريث ..الذي ينتهي أحياناً بجرائم ومآس وأحزان، ولفساد الأجهزة القضائية وتطويل جلسات المحاكمة دور في ذلك ..مع وجود وثائق تؤكد أحقية هذا الطرف أو ذلك. إن من يركز على هذه الجرائم التي تنشرها وتسلط الضوء عليها وسائل الإعلام سوف يرى ما يشيب له الولدان..ولعلكم رأيتكم كيف كانت الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق أسرة كاملة في الحديدة قبل فترة ..والتي حُكم على المجرم فيها بالإعدام والتعزير وكأن هؤلاء المجرمين ليسوا من أبناء الإسلام وكأنهم لا يعرفون القرآن ولا السنة النبوية. إن القرآن الكريم عندما ذكر قصة هابيل وقابيل ذكرها حتى يتعظ الناس من عاقبة الجريمة وأيضاً ليعلم الناس أن هابيل بنفسه الطيبة والمحبة والتي تمتلىء مودة لأخيه أبداً لن تنتهي وسيظل كل من يحمل روح هابيل بأخلاقه وصفاته العالية ينتمي إلى هذا الإنسان الأول الذي قال لأخيه ..عندما اعلن له قابيل قائلاً..«لاقتلنك» رد عليه هابيل ..«لإن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يديّ إليك لأقتلك ..إني أخاف الله رب العالمين» مع أن القوة كانت في صف هابيل ولكن إيمانه وخوفه من الله كانا هما حصنه من ارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة..ونوضح هنا أن من أهم أسباب مثل هذه الجرائم الدخيلة على مجتمعنا هي: - انخراط بعض الشباب في جماعات متطرفة تشحنهم بمفردات التكفير والغلو والتطرف. - الفراغ الذي يعانيه بعض الشباب ..مما يوجد لديهم عقد نفسية ..تؤدي إلى سلوكيات خاطئة. - انتشار السلاح في أوساط المجتمع ..وعدم وجود آلية واضحة للتحكم فيه. - انتشار بعض أنواع الأدوية التي تقترب في تأثيرها من المخدرات وتأثير ذلك في تصرفات المتعاطين واستعدادهم لفعل الجريمة. - عدم وجود التوعية الدينية الصحيحة في وسائل الإعلام وخاصة المرئية والمسموعة بحيث توضح مواقف الإسلام من هكذا جرائم. - عدم قيام رجال الدين بواجبهم تجاه الشباب وأخص العلماء المشهود لهم بالكفاءة والقدرة..وفتح الباب للدعاة الجدد الذين لا يمتلكون من العلوم الدينية إلا الشيء اليسير الذي يسخرونه حسب أهوائهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية. - إهمال بعض الأسر لأبنائها مما يجعلهم ضحية أفكار الشارع أو أفكار التطرف والإرهاب. مع العلم أن كثيراً من هذه الحوادث ناتجة عن سهولة وجود السلاح مما يؤدي عند أي لحظة غضب في أي مشكلة تقع داخل أي أسرة إلى أن تمتد يد أي واحد من أفراد هذه الأسرة إلى السلاح واستخدامه ..وطبعاً بعد ذلك يكون الندم ولا حول ولا قوة إلا بالله.