يأسرك بكل اتساعه ومداه دون أن يستهويه الأسر , ممتد ورحب دون حواجز أو قيود لكنك حينما تقف في مواجهته تظل مشدودا إليه , يغمرك بالأسئلة مع كل موجة يحملها , ويملؤك بالغموض كلما انحسرت تلك الأمواج دون إجابات شافية , وتظل محاولة الإبحار محفوفة بالمخاطر , وحدها الطيور تواجه قوته الطاغية , وحدها الطيور تملك نفسها فهي ليست بحاجة لأن تتعلم السباحة , يكفي أن لديها القدرة على التحليق بأجنحتها، فلا هبوب الريح يرهبها ولا الخوف من أن تكسر الأمواج مجاديفها أو تمزق أشرعتها , وهنا يكمن الفرق بين الأجنحة والأشرعة , الأجنحة مهما كانت صغيرة وضعيفة إلا أنها تعطيك الفرصة لترى كل شيء بوضوح , الأجنحة تجعلك حرا مستقلا , بينما الأشرعة مهما بلغت عظمتها , ومهما منحتك دهشة الإبحار لبعض الوقت فستبقى رهنا لمزاج البحر واتجاه الريح وقرار الأمواج. قد تمتلك قدمين تمكناك من السير , وقد تستطيع السباحة لمسافة في البحر , وقد تحلّق في السماء وأنت على متن طائرة ولكن تذكر دوما أنك بحاجة لأن يتجدد إيمانك بروحك التي يمكن لها أن تملك القدرة على الغوص والتحليق معا دون أن تكون رهينة لأحد غير خالقها . ومتى ما قدر الإنسان قيمة هذا السر الإلهي سخر الله له هذا الكون وأكرمه بطاقة خلاقة تصنع التغيير والمعجزات , فقط قرر أن تكون روحك حرة وحينها طيور السماء ستحلق في مداك وأمواج البحر ستشدو أغنيتها الصباحية على يديك . فاصلة حينما تقرر لا تتردد , تصور لو أن الشمس تفكر كل يوم في قرار الشروق , ربما كانت الأرض ستقضي ثلاثة أرباع عمرها في الظلام .