نكتب ونتكلم أحياناً في القضايا المعيشية والتموينية والتجارية بلغة الماضي الذي كان يقال فيه إن الدولة ممثلة بالحكومات المتعاقبة أنِشأت وزارة للتموين والتجارة وتغير الاسم فقط إلى وزارة الصناعة والتجارة.. وأيام التموين والتجارة كان المراقبون من موظفيها ينتشرون في الأسواق وخاصة أسواق اللحوم والخضروات والأسماك.. وكان دورهم يقتصر وبقرار ذاتي فردي على ملاحظة من يدلجون إلى هذه الأسواق من المعروفين لاصطحابهم إلى الجزار أو بائع السمك وبائع الخضروات وتاجر البر والدقيق كإشارة إلى البائع بأن يأخذ القليل من الثمن أي دون ربح.. ونادراً ما كان أو لئك يستمعون إلى ما يجري بين البائعين والمشترين من أخذ ورد.. فالأول أي البائع لايرد على المشتري إلا بعد عدة دقائق والمشتري يغضب ويتلهف لمعرفة سعر الكيس القمح أوالدقيق أو الأرز أو السكر أو غير ذلك، ودائماً ماكان السعر فوق توقعات المشتري الذي وفر قيمة احدى تلك السلع أو بعضها على مدى الشهر ويفند المبالغ بقدر المعاش أو الدخل غير المنتظم. فكان يقال بأن مراقبي التموين في الأسواق هم الرابحون الحقيقيون من تقلبات الأسعار وأوضاع الأسواق، فهم مجرد وسطاء فقط لايريدون أن يغضب منهم البائع، وفي نفس الوقت يحاولون تقديم خدمة للمشتري كل بحسب وضعه الاجتماعي ووظيفته والمصلحة المرجوة منه في المستقبل إذا ماقرر المسئول عن هذا المراقب أو ذاك معاقبته على خلفية شكوى يرفعها ضده تاجر أو صاحب مؤسسة مباشرة أو بواسطة مسئول آخر قدّم له ذلك البائع مايعجز عن شكره عليه. وزير الصناعة والتجارة هشام شرف عبدالله أوضح رغبة الوزارة أو عزمها على التنسيق مع الغرف التجارية بعموم محافظات الجمهورية في مراقبة حركة البيع والشراء وضبط الأسعار بمالايضر بمصلحة البائع ولايؤثر على المستهلك إلى الحد الذي لايستطيع معه سلعة ضرورية لعدم توفير قيمتها ومن ذلك حليب الأطفال وغذاؤهم وأدويتهم التي يقررها بعض الأطباء بكميات كبيرة وخاصة في أيام انتشار الاسهالات والحميّات وماهو أكبر وأخطر من ذلك أي السرطان والقلب والتشوهات الخلقية التي أخذت تتزايد مع تزايد أنواع العلاجات الصالحة والفاسدة إلى درجة الخطورة. ولا أدري إن كان وزير الصناعة يريد تنسيقاً ودياً مع الغرف التجارية نظراً لأن السياسة الجديدة المتبعة منذ سنوات رفع يد الحكومة عن الأسواق والتجار بناء على السياسة العالمية المعنونة بتحرير التجارة من أي رقابة وترك ميدانها مفتوحاً للبائع والمشتري في كل الأوقات.. أم كيف.. ؟ فالمهم هو أن يكون هناك تدخل ودي كما قلنا يمليه الضمير الانساني في مراعاة ظروفنا التي لاتخفى عليهم جميعاً، فنحن مواطنون من حقنا أن نحصل على بعض العدالة في معيشتنا واستقرارنا الأسري والنفسي والاجتماعي.