بينما كُنت في العمل بعد العصر وأنا واقف على الرصيف شاهدت طالبات خرجن من المدارس الفترة المسائية وهن سائرات في الشارع لمحن بجدار أحد المباني ورقة إعلان قد انمحت منها الكتابة بفعل أشعة الشمس، فوضعت إحداهن الشنطة المدرسية وأخرجت منها قلم خط عريض وبدأت تكتب على تلك الورقة وأنا لمحها بعيني وقُلت في نفسي ادعها تكمل الكتابة وأذهب أرى ماكتبت وبمساعدة زميلاتها الأخرى ظللن يكتبن حتى أكملن الكتابة.. ذهبت إليهن وأنا مبتسم لأقرأ ما كتبن فبالحرف الواحد كتبن “ الشعب يريد علي عبدالله صالح” فقلتُ: ما شاء الله.. في أي صف أنتن؟ قُلن: في الصف الخامس فقلتُ لهن: شاطرات تمام بعد أن كُن قد بدأن بالجري ينتظرن ردة فعل معاكسة لما كتبن فذهبن والابتسامة مرسومة على محُياهن. فقلت في نفسي: هذه براءة طفولة ولا دخل لها بالسياسة أو الحزبية وكأنهن وعين ما ينتظر البلاد فأردن أن يعبرن عما في قلوبهن بكل براءة وصدق وقلتُ: ليت كل من ركب رأسه ليغامر بالوطن إلى أتون فتنة وقتل واقتتال أن يفكر بمصير أطفالنا ماذنبهم أن تدخلهم إلى نفق الفتن والاحتراب ليت كل أب يصمت قليلاً بدلاً من الهتافات المدمرة ليفكر بمستقبل أبنائنا بيمننا واستقرارنا وأمننا. وهل انقلب الأمر عكساً، الطفل يرى ببصيرة العاقل والعاقل أصبحت بصيرته بصيرة طفل يظن الوطن لعبة بيده يدمرها متى شاء والله المستعان ..