تجللت اليمن بالسواد حزناً على الشهداء الشباب الذين اغتالتهم أيدي الغدر والخيانة يوم الجمعة الماضية وبطريقة تنم عن حقد دفين عند الآمر والمنفذ, وهي تدل على أنها ليست جريمة وليدة وقتها وذلك أن الأسلحة المستخدمة أسلحة قنص متطورة استهدف المجرمون من خلالها رؤوس وأعناق وقلوب المحتجين العزل ولا يوجد في اليمن طولاً وعرضاً شخص واحد لم يستنكر الجريمة .. فالسلطة أدانت الجريمة وأعلنت الحداد, والمتظاهرون عبروا عن غضبهم الشديد بمزيد من الإصرار على البقاء في أماكنهم, والشعب كله عبر عن إدانته بالالتحاق بالساحات العامة. وما شهدته اليمن خلال اليومين الماضيين يدل على وعي كبير لدى كافة الأطراف, فالسلطة أرسلت النائب العام إلى ساحة الجامعة ليشرف على التحقيق بنفسه, ورغم كل ما حصل إلا أن ذلك لم يغلق الباب نهائياً أمام إمكانية العودة إلى الوساطة بين السلطة والمعارضة والشباب وهي – في رأيي – فرصة تاريخية يستحسن اقتناصها. صحيح أن كل الأطراف قد أعلنت أنها قد وصلت إلى نقطة اللا عودة وأن كل طرف يتمسك بموقفه، وحتى اللحظة لا يزال البعد الثالث – كما أسميته في مقال سابق - لايزال هذا البعد مغيباً وكأن القضية قضية طرفين فقط هما السلطة والمعارضة. المطلوب اليوم هو إعادة النظر فيما تطرحه هذه الأطراف وسماع طلبات الشباب في الساحات وهي طلبات لم تتبلور بصورة واضحة تؤطر لما بعد هذه المرحلة. إن مستقبل اليمن هو ملك لهؤلاء الشباب أما نحن فقد هرمنا – هرمنا – كما قال التونسي – وعلى الكبار اليوم النصح والتوجيه، فهم شباب واعون وليس أدل على ذلك من أن احتجاجاتهم سلمية ويجب ملاحقة المجرمين الذين يحاولون اغتيال السلمية وتقديهم للمحاكمة وجنب الله اليمن كل شر.