إذا طرح سؤال على أحد المحللين السياسيين: هل اليمن تشبه ليبيا إذا ما خرجت الأوضاع عن نطاق السيطرة وجرت البلاد والعباد إلى الفوضى؟!.. فإن جوابه سيكون: اليمنيون لن يحتاجوا إلى السطو على مخازن الأسلحة في المعسكرات كما فعل الليبيون بل هم شعب مكتفٍ ذاتياً بما يخزنه من بنادق وذخيرة في المنازل, أكثر من اكتفائهم بالمؤن الغذائية.. فستون مليون قطعة سلاح لا شك أنها تمثل حالة من الحرب في بلد ينشد السلام. يعلم القاصي والداني أن التسلح في اليمن قديم قِدَم الأرض اليمنية.. قبل الثورة كان مسلحاً، واستمر يتسلح بعد الثورة ولم يتوقف أبداً .. السلاح يباع في أكثر من محافظة مثله مثل السلع الاستهلاكية أمام مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية التي تغض الطرف فكانت وبامتياز هي سبباً في تزايده بمعدل أكبر من معدل المواليد حتى أصبح لكل مواطن ثلاث قطع. في الوقت الذي يكدّس فيه المواطن اليمني السلاح في بيته كنا ومازلنا نشاهد نقاط تفتيش تستوقف المسافرين بين المحافظات وتسألهم عن حيازتهم السلاح، لا لشيء سوى أن يتولد لديهم قناعة كذابة من يمن خالٍ من السلاح. نسمع كثيراً عن حملات ولا نجد إحصائيات بكميات السلاح المضبوطة، ورغم هذا لم نسمع عن عدد القطع التي تم مصادرتها في نقاط التفتيش المتعددة .. فهل بدا الأمر أشبه بنكتة سمعناها زماناً عندما سأل عسكري مواطناً وهو يقود دبابة: “عندك سلاح”.. فرد المواطن: “لا”.. فمرّ من النقطة بأمان. هذه النكتة يمكن ربطها بعمليات تهريب الأسلحة إلى اليمن التي هي الأخرى لم نسمع يوماً أن أجهزتنا الأمنية ضبطت شحنات أسلحة مهربة لها القيمة كما فعلت دبي. ففي عمل غير عادي استطاعت الأجهزها الأمنية بإمارة دبي أن تكبح وتوقف جماح تهريب جملة من الأسلحة القادمة من تركيا والمقدرة ب16 ألف قطعة .. ولعل اللافت للنظر في ضبط هذه الشحنة ليس حجم ونوعية الأسلحة فقط وإنما الجهة التي كانت متجهة إليها في يمننا الحبيب وكذا التوقيت الحالي ما يدل على أن ثمة مخططاً إرهابياً كبيراً يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في الوطن خصوصاً أن مدير شرطة دبي ضاحي خلفان أشار في تصريحه الصحفي عن شحنة الأسلحة هذه أنها تستخدم للاغتيالات. والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة في حال نجاح وصول هذه الأسلحة إلى اليمن: ترى كم عدد الأشخاص الذين كانت ستودي بحياتهم؟!. ومهما كانت الدوافع والأسباب، ومهما تكن الشخصيات التي تقف خلف هذه الجريمة، إلا أن العملية برمتها (شحنة الأسلحة) تمثل بالتأكيد جريمة إنسانية لا يمكن السكوت عنها بأي حال من الأحوال .. ومن الأهمية بمكان في هذه العجالة الإشادة بالدور الكبير لأجهزة الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسهمت وتسهم في تعزيز استقرار المنطقة عموماً واليمن على وجه الخصوص. ولا شك أن قيامها بضبط هذه الجريمة قبل وقوعها يضاف إلى بصمات ووقفات عديدة صنعتها إلى جانب بلدنا. وعودة إلى الموضوع الرئيس فإننا في غنى عن القول إن المستفيد الأول والأخير في إيصال وتوزيع “مسدسات” الاغتيالات إلى البلد هو بلا أدنى ريب عدو لوطنه ولأبناء شعبه، وإلا ماذا يعني القيام بهكذا عمل في هذا الوقت الذي تشهد فيه البلاد اندلاع شرارة فتنة يجب إخمادها؟. إن المسئولية الوطنية والأخلاقية وقبل ذلك الإنسانية تتطلب من الجميع الاضطلاع بمسئولياتهم في الوقوف صفاً واحداً لنبذ الإرهاب والعنف ومحاربة مثل هذه التصرفات الهدامة التي لا تمت إلى ديننا الإسلامي الحنيف بأية صلة ولا إلى عاداتنا وتقاليدنا السمحة .. فهل نعي هذه المسئولية؟!.