ليس المبدع وحده في دائرة النسيان كما يحدث في هذه اللحظات التي نتذكر فيها من كانوا وقوداً مضيئة لشعلة الإبداع, حيث نتذكر المبدع في لحظة أو غفلة من زمن ثم نطوي الملف لكي يهل عام آخر ونتذكره - كما في العادة. إن الاهتمام بالمبدعين في كل مكان يأتي في سلّم الأولويات, ويحظون بالرعاية الكاملة من قبل الدولة أو المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات الثقافية, ولكن ما يحدث عندنا أن المبدع هو ذلك الكائن الذي يتحرك ويتنفس ويعطي ولكن بمقياس إبداعه في نظر البعض, ولكن متى ما غاب أو مات ينسى ذلك الكائن المعطي للإبداع!!. تذكرت ذلك وأنا أعدد مجموعة من المبدعين الذين كانوا بمثابة أسماء تؤرخ لخارطة الإبداع في بلادنا بشتى الجوانب الإبداعية, ومن بين أولئك المبدعين يأتي اسم الفقيد شكيب عوض, الإعلامي والصحافي والناقد السينمائي الذي حلّت علينا ذكرى وفاته يوم أمس, حيث ظل شكيب عوض في ذاكرة كل من كان يعرفه عن قرب بسلوكه واحترامه الآخرين وإبداعاته المتنوعة في عالم الصحافة والإعلام. وبحق ظل شكيب عوض في حياته ذلك الرجل الذي أعطى الوطن الكثير, وقدّم العديد من المواهب الشابة حين كان في العمل الصحفي وكذا في العمل الإعلامي في الإذاعة والتلفزيون. وأذكر أنني تعرّفت على الفقيد في صحيفة “14 أكتوبر” وكانت إبداعاته الصحفية ملموسة في مجال الأدب والفن التي كانت تتزين بها الصحيفة, وظل راعياً وفياً للكثيرين من الأدباء والمثقفين, حيث كان يشجع الأدباء الشباب في نشر إبداعاتهم, ولا يبخل في تقديم النصح والمشورة في سبيل الاستفادة. وقبل وفاته عانى الفقيد شكيب عوض من ذلك الإجحاف في حقه كمبدع، وعانى كثيراً من المرض الذى أقعده الفراش، وكانت يد النسيان والإهمال تلامسه من قبل الجهات المسئولة في مؤسسته والوزارة. يحكي الكثيرون ممن عرفوا شكيب عوض أنه وهو في فراش المرض كان عفيفاً وصابراً من ذلك الإهمال الذي طاله, حتى إنه لم يحظ باهتمام متميز كمبدع خدم هذا الوطن منذ نعومة أظافره. وليس شكيب عوض وحده من طاله النسيان, بل العديد من المبدعين الذين يتمنون الدواء, وهو أقل شيء يحس فيه الإنسان بآدميته, ولكن ماذا يفيد بعد أن يستفحل المرض ويهد مبدعاً لا يملك غير راتبه الذي يضيق في سبيل إعاشة أسرة؟!. إن الاهتمام بالمبدعين وتلمّس أوضاعهم الحياتية والمعيشية لابد أن يكون في سلّم اهتمام الدولة بحيث يحس المبدع أنه في مأمن وهو يقدم الإبداع للناس جميعاً. ليس هذا إلا القليل الذي يمكن أن يحس فيه المبدع - كما أسلفت - أن حياته وعمره الذي قضاه في خدمة الوطن ليس هباءً, بل فائدة للناس.