لعبت شبكات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت وبشكل خاص شبكات (فيس بوك, تويتر, يوتيوب ) دورا بارزا في اندلاع ثورة الشباب العربي وهبوب وانتشار رياح التغيير من دولة إلى أخرى في وطننا العربي الكبير, وفاق دورها في هذا الجانب دور العديد من وسائل الإعلام والاتصال التقليدية, حيث وجد الشباب على صفحات هذه الشبكات الالكترونية ساحة واسعة ورحبة للتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم ومواقفهم نحو الكثير من القضايا والأحداث والأنظمة والتواصل الفعال وتبادل الآراء والأفكار فيما بينهم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي بكل حرية وشفافية, وهو ما لم تستطع معظم وسائل الإعلام ووسائل الاتصال التقليدية تحقيقه لهؤلاء الشباب في العصر الحديث . لقد استطاعت مواقع شبكات التواصل الاجتماعي التي تجاهلناها سابقا في معظم بلادنا العربية أن تزيد من مهارات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، وتعزز تواجد قطاع عريض من الناس في محادثات وتجمعات إلكترونية بين متصفحي الشبكة العنكبوتية، واستقطاب أعداد كبيرة من البشر بكافة الأعمار والتوجهات والاتجاهات والسياسات، إيذانا بانطلاقة مرحلة جديدة من التواصل.وأطرت تلك الشبكات التفاعلية لعلاقات الكترونية أكثر عمقا بين المتصفحين، تبودلت من خلالها المعلومات والبيانات والآراء والأفكار في شفافية وحرية، وأصبحت إحدى الوسائل المحورية للتعبير عن الرأي، لتصنع حراكا اجتماعيا واقعيا،وتركيبة متداخلة بين أفراد وجماعات مختلفة ومتجانسة، وذلك هو الذي خلق صراعا تنافسيا بين الشركات العالمية في تكنولوجيا المعلومات والانترنت مثل «جوجل ومايكروسوفت» سعيا لامتلاك تلك الشبكات التفاعلية. وعلى الرغم من توجه العديد من المؤسسات الإعلامية الصحفية والإذاعية وقنوات التلفيزيون الأرضية والفضائية اليمنية والعربية نحو الاستفادة من شبكة الانترنت عموما وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل خاص من خلال تصميم مواقع وصفحات اليكترونية خاصة بها ونشرها على هذه الشبكات .إلا أن هذه المؤسسات لا تزال وللأسف الشديد تؤدي دورها وتمارس مهامها بنفس العقلية والطريقة التقليدية التي تؤديها وتمارسها على ارض الواقع خارج نطاق المواقع والشبكات الالكترونية . دون إدراك من القائمين على هذه المؤسسات بخصائص ومتغيرات عالم الانترنت ومتطلبات التواجد والحضور الفعال في هذا العالم الافتراضي الذي يزدحم بملايين المواقع الالكترونية المتنوعة التي تشمل كافة المجالات ومنها المجال الإعلامي والثقافي . لقد بات بإمكان أي واحد منا في أي مكان في العالم يتصل بشبكة الانترنت أن يبحر اليوم في محيط ضخم من مواقع الشبكات الإعلامية ووكالات الأنباء ومواقع الصحف والمجالات والقنوات التلفزيونية والإذاعية على شبكة الانترنت ويتابع الأخبار والتحليلات والكتابات والآراء المنشورة فيها على مدار الساعة حول مختلف الأحداث والقضايا على الساحة المحلية والإقليمية والدولية ويميز بين الغش والسمين, الصادق والكاذب, الجيد والرديء, النافع والضار . العدو والصديق ... من هذه المواقع ومحتوياتها ومحلليها وكتابها والقائمين عليها . ولذلك فلا جدوى أن تتواجد العديد من مؤسساتنا الإعلامية الصحفية وقنواتنا التلفزيونية على صفحات مواقع الفيس بوك او التويتر اواليوتيوب او غيرها من مواقع شبكات التواصل الاجتماعي وتطلب من الشباب متابعتها والتفاعل معها من خلال هذه المواقع . دون أن توفر لهم من خلالها مساحة كافية من الحرية للتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم تجاه مختلف القضايا بكل حرية وشفافية وحيادية بعيدا عن الاستخدام المفرط من قبل القائمين على هذه المؤسسات الإعلامية لأساليب الحذف والإلغاء والتجاهل والحجب لكل مالا يوافق هواهم وأهدافهم وأفكارهم من آراء ومواقف لهؤلاء الشباب . كما يفعلون ذلك في وسائلهم التقليدية خارج نطاق الشبكات الالكترونية . وختاما يمكن القول بأن أساليب الشباب الجديدة في التواصل والتفاعل الالكتروني فيما بينهم قد تمكنت من التغلب على تأثير أجهزة الإعلام الرسمية والحزبية والخاصة, ووضعت هذه الأساليب العديد من قيادات هذه المؤسسات وقيادات المنظمات والأحزاب السياسية في مأزق كبير بعد أن اكتشفوا أن الزمن قد تجاوزهم وتجاوز أساليبهم البدائية ، وشعورهم بالعجز عن مجارات تقنيات العصر واستيعابها ، الأمر الذي أفقد الكثير من هذه القيادات السياسية والإعلامية التقليدية بريقها وقدرتها على التأثير في الشارع العربي الذي يشكل الشباب ابرز مكوناته وعناصره الفعالة في العصر الحديث . (*) أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]