حققت مواقع شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت مكانة كبيرة وشهرة واسعة وانتشاراً متزايداً عقب ثورات الربيع العربي بعد أن استغلها ملايين المستخدمين كأداة لنقل الأفكار والمبادرات ، التي سرعان ما تتحول لفعل على الأرض ، هذه المكانة دفعت مسئولي الدولة ومؤسساتها إلى الحرص على التواجد فيها ، ومخاطبة جمهورها ، ليس فقط لأنه آخذ في التوسع بشكل غير مسبوق ، لكن أيضًا لأن بين هذا الجمهور القطاعات الأكثر فعالية وتأثيرًا في المجتمع،وأهمها قطاع الشباب الذين مثلت مواقع شبكات التواصل الاجتماعي بالنسبة لهم نقطة الانطلاق لثوراتهم الشبابية , وأداة الاتصال والتفاعل والتنسيق فيما بينهم خلال مسيرتهم الثورية فى العديد من بلدان الربيع العربي. ويعد موقعي (فيس بوك , وتويتر ) اكثر مواقع شبكات التواصل الاجتماعي استخداماً من مختلف فئات المجتمع هذه الأيام , ولذلك اتجه العديد من مسئولي الدولة بمختلف مستوياتهم الى التواجد على هذه الشبكات الالكترونية من خلال إنشاء حسابات وصفحات خاصة بهم على مواقع هذه الشبكات بهدف نشر ما يريدونه من افكار ومعلومات والتواصل مع الآخرين من خلالها،وأصبحت بعض وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة تشير ضمن سياق اخبارها الى عبارات ذات صلة بهذا الجانب مثل “ ذكر او أفاد او صرح الوزير او المسئول الفلاني من خلال صفحته على الفيس بوك الى ... «وكذلك» استهل الزعيم او المرشح الفلاني حملته الانتخابية من خلال مواقع شبكات التواصل الاجتماعي» وهناك العديد من الصفحات الشخصية على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي لقيادات وشخصيات سياسية واجتماعية مشهورة ابتداء برؤساء بعض الدول والحكومات وخصوصاً فى الدول الغربية كصفحة الرئيس الامريكي اوباما على سبيل المثال , وانتهاء بالوزراء وقيادات الاحزاب والتنظيمات السياسية وقيادات العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع . وفي اليمن يلاحظ المتابع والمستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي اليوم تواجد العديد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية اليمنية على صفحات مواقع هذه الشبكات وخصوصاً موقعي الفيس بوك وتويتر , حتى ان أحد المتابعين لذلك قال ضاحكاً : لو كانت الصفحات على هذه المواقع محدودة لتهافت عليها بعض المسئولين كتهافتهم على أراضي وعقارات الدولة والمواطنين في مختلف محافظات الجمهورية. ولاشك فى ان تواجد مسئولينا الكرام على شبكات التواصل الاجتماعي شيء رائع وخطوة مهمة لخروج هؤلاء المسئولين من نطاق بروجهم العاجية ومكاتبهم المحاطة بالحراسة المدججة والعديد من المطبلين والمتزلفين , الى ساحات مواقع شبكات التواصل الاجتماعي الرحبة والواسعة والمفتوحة أمام كل الأفراد والجماعات , وذلك للالتقاء بالمواطنين بدون حواجز وقيود والاستماع اليهم وتبادل الافكار والرؤى معهم والمساهمة فى حل مشاكلهم .. كما هو حال الكثير من الزعامات والقيادات السياسية على مستوى العالم الذين جعلوا صفحاتهم ومواقعهم على هذه الشبكات مفتوحة امام الجميع للتواصل معهم , وليست مقيدة ومغلقة امام اشخاص بعينهم كما هو الحال فى معظم صفحات مسئولينا الكرام على شبكات التواصل الاجتماعي للأسف الشديد، بل إن الكثير من المسئولين في بلادنا ممن لهم صفحات على الفيس بوك او تويتر نجد انهم لا يدخلونها الا نادراً وبعضهم لا يعرف اساساً بهذه الصفحات أو كيف يستخدمها , لأن احداً او بعض من سكرتاريته والعاملين فى مكتبه او المقربين منه او المتملقين والمطبلين له هم من انشأوا هذه الصفحات لتلميع هذه القيادات فى المجتمع و محاولة خلق صورة ذهنية جيدة عنهم لدى الجمهور وخصوصا مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعى بأن هذه القيادات منفتحة على الجمهور وتتمتع بالشفافية وحب التواصل والتفاعل مع الآخرين دون قيود وحواجز .ومواكبة لتطورات العصر .. لقد قمت خلال الايام الماضية وعلى سبيل التجربة الشخصية بتوجيه استفسارات وطرح موضوعات على بعض وزرائنا ومسئولينا من خلال صفحاتهم على الفيس بوك , وانتظرت بفارغ الصبر الرد او التفاعل مع ما طرحته عليهم حتى أنني بعثت لبعضهم بهذه الاستفسارات والموضوعات برسائل خاصة عبر هذه الصفحات، لكن للأسف الشديد لم اتلق اي رد او حتى تعليق او حتى عمل اعجاب « like » لما طرحته عليهم من استفسارات وموضوعات حتى اليوم .!!! ولا داعي لذكر اسماء هذه الشخصيات، مما يدل على ان تواجد معظم المسئولين في بلادنا على شبكات التواصل الاجتماعي هو مجرد مسايرة للموضة و حب الظهور في العصر الحديث عصر تكنولوجيا المعلومات , وحتى لا يقال عنهم إنهم غير مواكبين لهذا العصر !!! ووفقا لما سبق يمكنني القول إن على أي مسئول فى بلادنا يتجه الى التواجد عبر مواقع شبكات التواصل الاجتماعي ان يدرك جيدا فى المقام الاول ان مستخدمي هذه الشبكات من ابناء الوطن اليوم لديهم من الوعي السياسي والتقني ما يكفي لتمييز الغث من السمين والجيد من الرديء والصادق من الكاذب لكل من يتواجد من هؤلاء المسئولين على هذه المواقع , ولكل الصفحات الخاصة بهم ومحتواها وأساليب وأشكال التفاعل من خلالها , وبالتالي فإن التواجد الفعال لأي مسئول على شبكات التواصل الاجتماعي يتطلب ما يلي : - أن يكون وجود المسئول على صفحته وجوداً فعلياً شخصياً وبشكل إيجابي فاعل وليس وجوداً وهمياً ونادراً. - أن يكون شخصيا هو من يدير حسابه وصفحته وليس مدير مكتبه أو موظف يتعامل بآلية وأساليب بيروقراطية. - ألا يتواجد المسئول لأجل المزيد من الرسميات والتصريحات او الوجاهة وحب الظهور . - ليس المطلوب منه بناء شبكة علاقات عامة ونقل العلاقة كما هي في الواقع إلى شبكات التواصل الاجتماعي - يتواصل مع الناس بدافع من اهتمامه بقضاياهم لا من أجل زيادة رصيد تواضعه . - يخصص وقتاً لشريحة بعينها في كل مرة يلج هذه القنوات بهدف وضع الحلول أو مناقشة المشاكل على أقل تقدير. - يستمع لكافة وجهات النظر ويتعرف على ردود الفعل المتباينة. - يعرف ويحلل آراء الناس في أدائه وأداء وزارته او مؤسسته والمرافق التابعة لها ومن يعمل بها . - يعرف انطباع المواطنين تجاه القرارات المختلفة التى يتخذها بلا محاباة ولا تملق. - يطالع نبض الشارع وتقلباته وتعليقاتهم على الأحداث الجارية. - يفتح الطريق لاستشارة أدناهم قبل أعلاهم فيما يخص شئون البلاد ، فرب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.. وختاماً اقول لكل مسئول يملك صفحة خاصة به على اى من مواقع شبكات التواصل الاجتماعي : اجعل صفحتك هذه مفتوحة للجميع و جسراً للتواصل مع المواطنين للاستماع اليهم و متابعة مظالم الناس ومصالحهم، فرب مظلمة تنشر تجد من ينصفها، ورب فكرة تقترح لمرفق حكومي ترقى به الى الافضل , وتذكر حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام «أيما وآلٍ ولي شيئًا من أمر المسلمين فلم ينصح لهم ولم يجهد لهم كنصحه وجهده لنفسه كبّه الله على وجهه يوم القيامة في النار » والله من وراء القصد . رابط المقال على الفيس بوك