إذا كانت الاعتصامات والمسيرات السلمية مكفولة لا يحق لأي كان تحريمها وتجريمها، فإن أحداث الشغب والسلب والنهب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة من الممارسات الفوضوية المحرمة والمحرمة بكل الدساتير والقوانين والشرائع السماوية التي تتنافى مع الحرية والديمقراطية، نظراً لما ينتج عنها من إقلاق للأمن والاستقرار والسكينة والسلامة العامة. أقول ذلك وأقصد به أن الاعتصامات والمسيرات التي تشهدها الكثير من المدن اليمنية وبعد مضي أكثر من شهرين، قد بدأت تخرج عن المساحات السلمية من الناحيتين الدستورية والقانونية وتتحول إلى مسارات وممارسات فوضوية لا يمكن للأجهزة الأمنية أن تقف أمامها مكتوفة اليدين، نظراً لما ينتج عنها من اختلالات أمنية ذات عواقب كارثية وخيمة. نعم لقد بدأت بعض المسيرات السلمية تخرج عن الحدود المشروعة إلى مناطق الخطر الممنوعة، التي يتضرر منها الجميع ولا يستفيد منها أحد قط.. يا معشر الأبناء الذين نحرص على الموازنة بين ما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات، لأن الحقوق الدستورية والحقوق القانونية للأفراد تنتهي حينما تبدأ بالتصادم والتضاد مع الحقوق الدستورية والقانونية للمجتمع اليمني بشكل عام. كيف لا ... ونحن نلاحظ كل يوم بعض التجاوزات اللا معقولة واللا مقبولة لبعض المسيرات الفوضوية التي يقوم بها الشباب بوعي وبدون وعي وبقصد وبدون قصد، سواء في الاعتداء على المقرات والمنشآت الحكومية أوالخاصة، وما تسفر عنه من اصطدام بالأفراد والجماعات والحراسات التي تؤدي إلى صدمات دامية ومدمرة تصل إلى حد سفك الدماء وإزهاق الأرواح اليمنية - اليمنية، تعكس أزمة وعي وعدم استشعار للمسئولية، قد يكون الدافعون لها أشخاصاً وقد يكونون احزاباً وتنظيمات سياسية ومنظمات ونقابات جماهيرية لها أجندات ومطالب سياسية تخرج عن نطاق المطالب والأهداف المشروعة للإصلاح. وفي هذه الحالة تكون هذه الجهات اللامسئولة قد أجازت لنفسها -خطأً - الحق في استخدام الشباب حطباً لما تدعو إليه من الثورة، بدلاً من استخدامهم وقوداً محركاً للثورة على الفساد، وذلك مالا يجب على شبابنا القبول به بدون تفكير، فيما ينتج عنه من عواقب وخيمة، لأن الحياة المقدسة والواعدة لهؤلاء الشباب الذين هم ثروة الحاضر وقادة المستقبل أثمن وأغلى من كل المكاسب والصفقات السياسية مهما كانت مغرية، لأن الوصول إلى السلطة بالدم لا ينتج عنه سوى المزيد من الدم وما يترتب عليه من الدموع والأحزان المؤلمة. أعود فأقول لتبق الاعتصامات والمظاهرات والمسيرات سلمية توجب على الدولة وكافة أجهزتها الأمنية حماية المعتصمين والمتظاهرين من أية ممارسات قمعية تتنافى مع ما هو نافذ من القوانين الديمقراطية، وهذا ما يجب أن يتصدر أولويات مؤسساتنا الإعلامية والثقافية، وفي المقدمة الصحافة الرسمية والحزبية والمستقلة، حاكمة كانت أم معارضة، لأن الديمقراطية ثقافة، والثقافة هي المدخل الصائب للممارسة التطبيقية السليمة، يجب النظر إليها من زاوية الحرص على الديمقراطية السليمة، بعيداً عن الذاتية، نظراً لما تستوجبه من الاحترام الذي يحمي المعارضة من تعسف الحكومة ويحمي الحكومة من فلتان المعارضة حتى لا تتضرر منه التجربة والممارسة الديمقراطية الدائمة والمستمرة وحتى لا يلجأ الطرف الأضعف إلى استخدامه بحق الطرف الأقوى والعكس..؟