لقد تصاعدت الأزمة السياسية الراهنة على الساحة اليمنية ووصلت إلى ذروتها من التأزم ودخلت مرحلة جديدة من مراحل التصعيد والتأزم وهي مرحلة المواجهة في بعض المحافظات، حيث بدأت محاولات اقتحام بعض المرافق العامة والمنشآت والمؤسسات الخدمية ومبانٍ حكومية لاسيما مباني المجالس المحلية في بعض عواصم محافظات الجمهورية، ويأتي هذا التوجه الخطير في إطار تصعيدي للأزمة والوصول بها إلى عنق الزجاجة وفق خطة مدروسة ومرتبة من قبل المشترك الذي أدار ملفاتها بدقة متناهية ونفذ بنودها خطوة بخطوة مستغلين الرياح العاتية التي تجتاح الوطني العربي ووصولها إلى وطننا الحبيب اليمن السعيد وفق أجندة خارجية لم تكشف عن نفسها حتى اللحظة،وركب هذه الموجة إلى جانب المشترك أولئك الذين يعملون خلف الكواليس في سراديب مظلمة ليعصفوا باليمن الغالي في مستنقع المجازر البشرية البشعة التي ستخلفها الحرب الأهلية لاسمح الله ليغرق الشعب اليمني بأسره في وحل من الدماء اليمنية الزكية، لا لا شيء إلا لتصفيات حسابات شخصية وحزبية ترسبت عبر الخلافات الحالية والسابقة، وسبب هذا التصعيد والخروج من ساحات الاعتصامات والتوجه نحو اقتحام المرافق الحكومية والانتقال من مرحلة التعبير بالكلمة والشعارات والهتافات إلى مرحلة المواجهة باليد والاحتكاك المباشر برجال الأمن المعتكفين على حراسة تلك المرافق والمؤسسات والمباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة لاسيما وقد استطاعت الحشود الجماهيرية المؤيدة للشرعية الدستورية في العاصمة صنعاء خلال جُمع التسامح والإخاء والوفاق والذي بلغ عددهم مايقارب عشرة ملايين محتشد في كل جمعة أن تقف بوجه المشترك متصدية بشدة لنواياهم المخالفة للعرف والقيم الإنسانية والشرعية الدستورية وإفشال نية الزحف واقتحام قصر الرئاسة بصنعاء والوصول إلى غرف النوم الذي جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم المشترك. هذه هي المرحلة التي تشكل خطورة حقيقية على الشعب اليمني لأن المواجهة بين المشترك ورجال الأمن والجماهير الشعبية المؤيدة للشرعية الدستورية سيترتب عليها إزهاق للأرواح من الطرفين وتدمير للمنشآت والممتلكات العامة والخاصة بسبب هذا التحول من اعتصامات ومسيرات سلمية إلى اقتحام مسلح، وهذا يعني انقلاباً مسلحاً على الشرعية الدستورية بصورة واضحة لاتقبل التأويل والتبرير، وهذا هو المنحنى الخطير الذي يريد أن يصل إليه المشترك لتأجيج الفتنة وسقوط قتلى بأعداد كبيرة لإثارة الرأي العالمي والشارع اليمني، وهذا هو مقصده. وينبغي أن لانتجاهل الطرف الثالث الذي أعتقد أنه يلعب بمهارة عالية في خط الوسط واستطاع السيطرة على منطقته وتمكن من تمرير كرات احترافية بكل الاتجاهات في أرجاء ملعب الأزمة السياسية اليمنية، وأعتقد أن ماحصل يوم الثلاثاء 5 ابريل 2011م أمام معسكر الفرقة الأولى مدرع بالعاصمة صنعاء من مجزرة إنسانية بشعة طالت وفد الوساطة والمصالحة المتوجه لمقابلة الأخ علي محسن الأحمر بهدف إصلاح ذات البين وتجنيب الوطن ويلات الحرب والخراب والدمار، واستقبلوا بوابل من الرصاص أمطرت عليهم بغزارة وسقط عدد من الشهداء والجرحى،هذه الجريمة البشعة التي ينكرها الدين والشرع والعقل والعرف القبلي والقانون المدني والنظام والدستور ويعد عيباً أسود في العرف القبلي، وهذا التصرف الهمجي يعد دليلاً واضحاً على لغة العنف وقطع الطريق أمام أي صلح أو وساطة أو مبادرة من شأنها تجنيب اليمن الشر المنتظر الذي يتربص بأمنه ووحدته واستقراره. ويحتمل أن هذه المجزرة البشرية كانت ناتجة عن هجمة مرسومة خطط لها الطرف الثالث في خط الوسط ومررها بمهارة عالية للمهاجمين الذين بادروا بإيداعها في مرمى الفرقة الأولى مدرع لتهز شباكه وتسقط هذا العدد من الشهداء والجرحى في هذه المجزرة البشعة،وحتى هذه اللحظة ،وماحصل في اليمن منذ نشوب الأزمة حتى هذه اللحظة من قتل وخراب وتدمير لا يساوي شيئاً أمام ما ينتظر اليمن إذا ما تدهورت الأوضاع من مجازر بشرية وتدمير للمنشآت والمرافق والمؤسسات في البنية التحتية وتقطيع اليمن وتقسيمها إلى دويلات صغيرة هزيلة وفقاً لمخطط المؤامرة القذرة التي تُحاك ضد اليمن خارجياً وتنفذ بأيادٍ يمنية بالداخل مستغلة عوامل متعددة تساعدهم على تنفيذ مؤامراتهم الحقيرة منها: - الصراع الحزبي في الساحة السياسية اليمنية. - الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه الطبقة الوسطى وما دونها وتصنيفها تحت خط الفقر. - البطالة في الأوساط الشبابية وعدم توفير فرص العمل بالإضافة إلى شحة إمكانيات التوظيف لخريجي الجامعات. - تفشي آفة الرشوة لدى أصحاب النفوس الضعيفة في المرافق الخدمية بشكل مقزز وغير حضاري لاسيما تلك المرافق التي تتعامل مع الجهود مباشرة ومن باب الإنصاف للجميع فإن موظفي الدولة بكل مرافقها من عامة الشعب اليمني بكل أطيافه وتنظيماته السياسية والحزبية والمستقلين فجميعهم موظفو الدولة ويتحملون المسئولية أمام هذه الآفة التي أصيب بها الجميع إلا من رحم ربي، وهذه حقيقة لاينكرها إلا معاند أو مخادع يعمل على حجب الحقيقة بطريقة أو بأخرى. المحاباة والمجاملة والمحسوبية لدى البعض. - المماطلة القضائية وعدم البت في قضايا ومنازعات كثيرة ومتنوعة من قبل القضاء والمحاكم الشرعية وحدّث ولاحرج في هذه المسألة. - تصفية الحسابات الشخصية والحزبية بين الشخصيات الاجتماعية والقيادية بعضها مع بعض وتصفية الحسابات بين بعض الأحزاب السياسية اليمنية الراهنة إثر ترسبات اختلافية ماضية. هذه هي بعض العوامل التي حاول المشترك استغلالها وحفزت الشباب للخروج للاعتصام في بداية الأزمة. الآن ماهو المطلوب للخروج من عنق زجاجة الأزمة السياسية اليمنية؟! ما هو مطلوب من عقلاء أحزاب اللقاء المشترك أن يدركوا حجم الخسارة الوطنية والكارثة التي قد تحدث إذا ما تفجرت الأوضاع وأن يجبروا أعضاءهم على الاستجابة لنداء العقل والضمير إذا كانوا يتقون الله ويحبون وطنهم وشعبهم ويجب على كل العقلاء والخيرين من أبناء الوطن بصفة عامة والمؤتمر الشعبي بصفة خاصة أن يدعوا الجميع ويلتف بعضهم مع بعض ويخرج الشعب عن بكرة أبيه يندد بهذا المنحنى الخطير الذي يدفع المشترك بالوطن إليه، ويدعو الجميع إلى حل الأزمة بالحوار وبالأطر الدستورية والسلمية.